التعلّق المَرضي : أنتَ تؤذيني لكنني أحتاج إليك
التعلّق المَرضي : أنتَ تؤذيني لكنني أحتاج إليك
تتغذى العلاقة المدمرة على التعلق غير الصحي بشخصية المعتدي النرجسي. قتقوم الضحية بتغذية هذه الحالة عوضاً عن الهروب منها. تشبه هذه الحقيقة متلازمة ستوكهولم (Stockholm syndrome هي ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو مَن أساء إليه) إلى حدٍ كبير.
هناك العديد من العلاقات العاطفية الشبيهة بالسجن الذي يسبب فيه الحب الأذى ويدمر كل مصادر السعادة واحترام الذات. على الرغم من هذه الحالة، لا تستطيع الضحية أن تقطع هذا الرابط لأن العاطفة والجاذبية يعميانها لدرجة تجعلها تقلل من أهمية وخطورة الأضرار. تشبه العلاقة المدمرة متلازمة ستوكهولم إلى حدٍ كبير.
من الممكن أن يبدو لنا هذا النوع من الحالات غريباً ومتناقضاً إذا نظرنا إليه من الخارج. لِمَ قد يتقبل أحدهم ما لا يجب تقبله ؟ ما الذي يدفع أحدهم إلى البقاء مع شخصٍ يسيء معاملته ويؤذيه عاطفياً؟ في مجال العلاقات الإنسانية، من الضروري أحياناً أن نحاول فهم العمليات النفسية الدفينة.
في بادئ الأمر، لن يفيد بشيء أن نطلب من الشخص الذي يعيش هذه التجربة الابتعاد عن الطرف المؤذي في أسرع وقتٍ ممكن. قد تكون نسبة التعلق كبيرة جداً لدرجة أن العقل يتوقف عن الحكم على الأمور بعقلانية.
في الواقع، إن المشاعر والتعلق غير الصحي هما اللذان يتحكمان بهذا الرابط بشكلٍ كامل. إنها علاقة هدامة، لكنها تستمر في تغذية حاجات أساسية جداً كالخوف من الهجر.
بطلا التعلق المرضي هما الضحية والمعذب العاطفي؛ هي علاقة يحتاج فيها أحد الطرفين إلى مَن يعتني به، فيما يحتاج الطرف الآخر إلى فرض سلطته.
ما هو التعلق المرضي؟
بدأت دراسة فكرة التعلق المرضي لأول مرة في الثمانينات. وقد قام عالما النفس دونالد جي دوتون Donald G. Dutton وسوزان إل بينتر Susan L. Painter، بتحليل حالات بعض النساء اللواتي تعرّضنَ للإساءة ومع هذا استمررنَ بالعيش مع شركائهن.
أوّل ما اكتشفاه هو أن الخوف أحياناً ليس الآلية التي تؤدي في الحالات الطبيعية إلى الدفع نحو الهروب أو مواجهة ما يسبب لنا الألم والأذى. ما يمكن ملاحظته في هذا النوع من العلاقات هو الخضوع وفارق واضحٌ في مستوى القوة. بحيث أن أحد الطرفين يُخضع الطرف الآخر.
الرابط الذي يبقي الضحايا هو رابط غير صحي، ولكن لا يصدر عنهم أي ردة فعل اتجاهه. ما هو سبب هذا التساهل والتقبل للمعاناة؟ في الواقع، إن هذه العلاقات تتبع النمط الدائري التالي: يمنح الجلاد التعاطف، ثم يسيء معاملة الضحية، تغضب الضحية، ثم تسامح الجلاد… وهكذا دواليك.
التعلق المرضي هو المادة اللاصقة التي تجمع الضحية بجلادها، والتي تغذي حلقة المعاناة هذه.
مشكلة التعلق والشخصية النرجسية
أجرى دونالد داتون وسوزان بينتر دراسة في التسعينات لفهم هذا النوع من العلاقات بشكل أفضل. وقد تمكنا من إثبات أن الكثير من هؤلاء النساء اللواتي يحاولنَ هجر شريكهنَ لا يتمكّنَ من ذلك لأنّ تعلّقهن العاطفي يكون شديداً.
يُضاف إلى ذلك ضعف تقدير الذات لدى الضحية وشخصية الجلاد المسيطرة. عدد كبير من روابط التعلق المرضي تحدث مع الشخصيات النرجسية. فكما نعلم جيداً، هذه الشخصيات بارعة في التلاعب والسيطرة وتجريد ضحاياها من كل مقاومة نفسية وعاطفية.
لمتابعة المزيد من المقالات المشابهة يمكنكم زيارة موقع حياتنا
كما بإمكانكم متابعة صفحة الفيسبوك: الرجل والمرأة
التعليقات مغلقة.