كيف يكشف لنا الجسد عن تعرضه للعنف وسوء المعاملة

ثمة علامات معيّنة لا تخطئها العين.

تعبّر أجساد ضحايا العنف وسوء المعاملة عن نفسها، سواء أكانوا مدركين تماماً للإعتداءات التي يتعرضون لها أم غير مدركين بعد.
وغالباً ما يقول الجسد ما يعجز الفكر عن التعبير عنه. طبعاً ما من شيء مؤكد بشكل واضخ. وسيكون التحليل مختزلاً ومحدوداً إذا ما أعطينا مواصفات محددة لرجل أو امرأة تعرض جسده أو جسدها للعنف.

وبما أنني معالجة نفسيّة متخصصة في التحليل النفسي-العضوي، فأنا أنظر بعين الرحمة إلى الوضعيات الجسدية للمرضى.
أكتاف محنيّة بالنسبة إلى البعض، جسد يبدو وكأنه منكمش على ذاته بالنسبة إلى البعض الآخر، حالة حذر وتيقّظ، جسد يبدو وكأنه يطفو ولا يفلح في الإستقرار على مقعد، نوع من التصلّب الدفاعي غير متناسب مع الإطار العام… كل هذه هي علامات غير ملحوظة تماماً إلا أنها موجودة.

إنّ استقبال هؤلاء الرجال والنساء المجروحين في إطار عملية علاجيّة فنّ حساس يتطلب دقّة ومهارة. أن تكون حاضراً بما يكفي إنما من دون مبالغة. أن تدع الكلام ينبثق من الآلام، كلمات العنف الذي لا يُحتمل، المخفيّة أحياناً في الأعماق، وذلك مع احترام تام لوتيرة المريض، أو المريضة، الخاصة والفريدة.
خطوة بخطوة وكلمة تلو أخرى. يجب إعادة إنشاء رابط جيد، من دون عنف، من دون عوائق، من دون تلاعب، من دون شروط وبأمان تام.

يجب أن نسمح للطفل أو الراشد المجروح بأن يتقبّل حقيقة أنه ضحية أو انه كان كذلك، وأن ننتظر بتعاطف حتى يزول الشعور بالذنب وحتى يتحوّل الجلّاد أخيراً إلى مذنب حقيقي.
لا يمكن تبرير الإعتداء أبداً. والعنف ليس مشروعاً أبداً. وهما غير مقبولين سواء أكانا على شكل ألفاظ أو أفعال.
فأولئك الذين يضربون، يغتصبون، يسيئون المعاملة، يعتدون، يعرقلون، يتحرشون ويهينون، يجعلون ضحاياهم يعتقدون أنهم هم من تسببوا بذلك أو أنهم يستحقون ذلك. وهذا الكلام غير صحيح أبداً.

يقوم جزء كبير من العمل العلاجي على فكّ حبائل هذا الشعور بالذنب الذي يمتزج بالشعور بالخزي والعار لدى الضحية لكي تتقبّل الجزء المحطّم، المجروح والمعنّف، ولتترك له المكان الذي يستحقه.

سيخفّ الحمل تدريجياً مع البوح والكلام واستعادة المشاعر والأحاسيس والإنفعالات المكبوتة حتى اللحظة الحاضرة.
جلسة بعد جلسة، ألاحظ أنّ أجساد المرضى قد اكتسبت نوعاً من الانسيابية وشكلاً من أشكال الطمأنينة اللتين كانتا غائبتين عنها منذ زمن طويل جداً.
لا يمكن محو الماضي لكننا نتقبّله ونتجاوزه. وبعد أن يستعيد الجسد أمانه، سيتملكنا شعور بالرضا حين نلاحظ أنّ الآثار الخفيّة اختفت أخيراً.

International women’s day, stop sexual abuse, stop violence against women

التعليقات مغلقة.