عاد من الغيبوبة بعد 10 أيام : تجولت في كافة أنحاء الأرض (3)
من الخطأ دوماً أن نتخيّل الرحلات التي لم نقم بها، وأن نعتقد أنّ المسألة كما في الأفلام، حيث يستيقظ المرء يوماً من الغيبوبة ويعود إلى حياته وإلى مسارها الطبيعي حيث تركها قبل أن يرحل. من الخطأ أن نتخيّل من دون أن نعرف أو أن نقدّر أو أن نفهم الألم العظيم والعمل الجبّار الذي يحتاجه كل أولئك الذين يعودون من الغيبوبة كي يعيدوا ترتيب ركام حياتهم أو على الأصح حيواتهم، تلك السابقة للغيبوبة وتلك التي عاشوها في الغيبوبة وتلك التي تلتها. يكشف لنا كل من ماثيو وايزابيل ولورانس بعض الشظايا التي حاولوا فرزها وترتيبها وإعادة جمعها ليجدوا لها معنى،
لكن كيف يمكن أن نشارك تجربة بهذه الحميمية؟ تجربة نكون فيها غارقين في أعماق لحظة خارج الزمان.
إنها فكرة بسيطة: أن نجعل العائدين من الغيبوبة يروون إقامتهم “هناك”. ما عاشوه، ما عادوا به وكيف غيّرتهم هذه التجربة.
سنروي في هذه المقالة تجربة ماثيو على أن نعرض تجارب الباقين في مقالات لاحقة.
جلت في كافة أنحاء الأرض
ماثيو، 53 عاماً، 10 أيام في غيبوبة في العام 2002
“عدت من شيء لا يُصدّق حيث يختلط كل ما هو جميل، كل ما هو قوي وكل ما هو فظيع في الحياة. خلال غيبوبتي، وجدت نفسي فوق جسدي، وفوق زوجتي وفوق أحد أصدقائي الذي كان يتحدث عني في باحة المستشفى فيما أنا قابع في سريري من دون حراك، وبعيد جداً لأتمكن من سماعهم. قاتلت إلى جانب رجال الشرطة ضد خاطفين مفترضين اختطفوا ابنتي، وقد دام هذا دهراً. قمت برحلة رائعة، عارياً في أحد الجبال، على وقع الطبول المقدّسة، بحثاً عن رجل-دب فوّته بفارق دقائق معدودة لكني التقيته فعلياً في وقت لاحق، في الحياة الحقيقية. كنت حاسة الشم، وانتقلت في كافة أنحاء الأرض، وزرت كل الضياع.
عندما استيقظت، كانت كل هذه المستويات من التجارب مختلطة ببعضها البعض: النشوة، الرعب والرؤى التنبوئية. كنت محطماً إلى ألف قطعة، لا رغبة لديّ إلا أن أكون بين أحضان زوجتي. كنت تائهاً تماماً. وكنت محظوظاً إذ نصحني طبيب العائلة “اكتب كل شيء!” وملأت دفاتر ودفاتر. بعدئذ، خضعت لعلاج نفسي. احتجت إلى طاقة عظيمة كي أعيد بناء نفسي، انطلاقاً من هذه المادة كلها، وكي أدرك أنني عشت خلال هذه الأيام العشرة، والتي بدا لي أنها دامت ما لا يقل عن أربع أو خمس سنوات، أكثر مما نعيشه عندما نكون في وعيّنا العادي. احتجت إلى سنوات كي أعيد ترتيب أموري وكي تتطابق حياتي. فالغيبوبة هي عودة إلى مرحلة كنت فيها رضيعاً. وهذا أفضل ما حصل لي كي أعود إلى وعيي على كافة الصعد، الروحانية والعاطفية والنفسية. انا اليوم معالج وزوجتي كذلك. وأنا أسعد الرجال.”
اقرؤوا القسم الأول: عادت من غيبوبة استمرت 6 أيام : رحلتي ما بعد الموت لا أتمناها لأحد (1)
اقرؤوا القسم الثاني: عادت إلى الحياة بعد 125 يوم من الغيبوبة : تعلمت كثيراً عن الحياة بعد الموت (2)
التعليقات مغلقة.