ما الذي يعنيه الحلم بشخص ميت بحسب علم النفس؟

ما الذي يعنيه الحلم بشخص ميت بحسب علم النفس؟
1- أحلم بالموت
أ- ما أعرفه عن الموت

ماذا تعتقد أنه ينتظرك بعد الموت؟ غالباً ما أحلم أثناء الليل بأولئك الذين فقدتهم. تتملّكني الكثير من الشكوك بشأن الموت. فأنا لا أصدّق إلا ما أراه بعينيّ. جمود الأجساد الغارقة في الصمت. رفض تبادل الحديث من دون أن يتكبدوا عناء تبرير ذلك.

وماذا عنا نحن الأحياء؟ هذه العقدة التي تخنقنا في الحلق، هذه العيون المليئة بالدموع والبكاء المرير الذي لا ينتهي. هذا الألم الشديد وعذاب الفراق، غياب شخص عزيز يحطمنا وفقد صحبة كانت تجعلنا ننبض بالحياة. هذا تقريباً كل ما أعرفه عن الموت.

ب- أموات من كبار الشخصيّات؟

على أيّ حال، عندما أحلم بهم، أحلم بأشخاص معيّنين. لا ألتقي بالوتيرة نفسها كل أولئك الذين واللواتي أحببتهم وهم أحياء. يبدو أنّ لذهني أولويّات معيّنة.

أهرب بشكل لاواعٍ نحو أشخاص رحلوا باكراً! أحلم بأولئك الذين بقيت بعض الأمور عالقة بيني وبينهم. وأدين بمعرفة السبب إلى عالمة نفس روسيّة شابة.

2- تأثير زيجارنيك
أ- إلى أولئك الأطفال المحبطين…

في العام 1927، وفيما هي تنهي دروسها في جامعة هومبولدت في برلين، حققت عالمة النفس الروسيّة بلوما زيجارنيك اكتشافاً علمياً مذهلاً!

في إطار الأعمال الاختباريّة، دعت الباحثة مجموعة من الأطفال للقيام بسلسلة من المهام البسيطة، في وقت محدود جداً. وبما أنّ المهلة كانت قصيرة جداً، لم يتمكّن الأطفال من إنهاء كافة المهام المطلوبة منهم.

بعد حين، عادت الباحثة إليهم وطلبت منهم تعداد المهام الواحدة تلو الأخرى. والغريب في الأمر هو أنّ الأولاد كانوا يتذكّرون بشكل أفضل المهام التي لم يتمكنوا من إنجازها: أشارت النتائج إلى نسبة حفظ للمهام غير المنجزة بمعدل 1.9 مرة أكثر من تلك المنجزة.

ب- …. عمل غير منجز

يعود التفسير الأكثر ترجيحاً إلى حقل الدافع البشريّ إذ ينشا عن بدء نشاط ما توتر انفعاليّ في الجسم الذي ينشط ويستثمر كافة الموارد اللازمة من طاقة وانتباه كي يتصوّر العمل بعد إنجازه والمشكلة بعد حلّها. لكن عندما تتم إعاقة المهمة أو قطعها، يبقى الجسم محبطاً ولا يصل إلى تأثير الاسترخاء الناجم عن إنجازها. وبقاء هذا التوتر الناشط يبقي بالتالي المهمة محفورة في الذاكرة.

وعندما كانت الباحثة تسمح للأطفال بأن ينهوا المهام غير المنجزة وأن يحصلوا على لحظات من الراحة والاسترخاء، تعود النتائج التي تسجّلها الذاكرة لتتساوى في ما يتعلّق بكافة المهام.

3- الفلسفة الديكارتيّة
أ- ديكارت، الله والموت

إن كان جيلي لا يعرف أعماله جيداً، إلا أنّ ديكارت يبقى مشهوراً لأنه يمثّل المنهج المعتمد على العقل والمنطق، بحيث أننا نخلط أحياناً الأمور ونصف أنفسنا بالديكارتيّة لنبرر إنكارنا لله في حين أنّ ديكارت نفسه كان مؤمناً.

في رسالة وجهها إلى الشاعر قسطنطين هيغنز في 10 أكتوبر/تشرين الأول 1642، نصحه بفكرة قويّة لتحمّل موت الأشخاص الذين نحبهم:

“لا يمكنني أن أتصوّر شيئاً آخر لأولئك الذين يموتون سوى أنهم ينتقلون إلى حياة أكثر حلاوة وهدوء من حياتنا وأننا سنذهب للقائهم يوماً ما، حتى مع تذكّر الماضي؛ إذ أرى في داخلنا ذاكرة فكريّة مستقلّة بالتأكيد عن الجسد.”

ب- أحلامي الفردوسيّة

على الرغم من أنني بطبعي مشكك، إلا أنني لا أنفك أفكر في ديكارت عندما أستيقظ بعد ليلة جعلتني ألتقي أشخاصاً أعزاء لم يعودوا على قيد الحياة.

وغالباً ما يكون هؤلاء أشخاصاً عرفوني في صغري وتوفّوا أو سافروا قبل أن أكبر وأنضج وأنمّي القيم والعواطف المستوطنة في داخلي اليوم. رحلوا قبل أن أتمكن من اكتشاف من أنا ومن تبادل أفكاري الحاليّة معهم، قبل أن أعرف إذا ما كانوا سيحبونني وإذا ما كنت سأستمر في حمل الحب نفسه لهم في داخلي. ورحلوا قبل أن أتمكّن من سؤالهم عن هذه المشكلة أو تلك في الحياة والاستفادة من حكمتهم التي أقدّرها جيداً. رحلوا قبل أن أطلب منهم أيّ نصيحة، وقبل أن نتمكّن من تشجيع بعضنا البعض لإنجاز مشاريعنا.

أراهم مجدداً في الحلم، “مع تذكّر الماضي”، وأسارع إلى طرح أسئلتي كلها عليهم. أستفيد من نظراتهم المرحة قبل أن توقظني الشمس وتأخذهم مني مجدداً. لكن الحكمة التي ظننت أنني استفدت منها للحظة ليست سوى مجرد إسقاط.

التعليقات مغلقة.