تجربتي داخل ظلمات الروح ( وكيف خرجت منها إلى النور ! )-الجزء الثاني
ما الذي يؤدي إلى ليل الروح الأسود ؟
داخل ظلمات الروح : بالنسبة للأغلبية، السبب المحرك يأتي بالدرجة الأولى من العالم الخارجي (الدائرة المادية) : فقدان عمل، وفاة شخص عزيز، حادث، ثم يبلغ من بعدها الدوائر الثلاث الأخرى (العاطفية والفكرية والروحية). استناداً إلى أبحاثي وتبادل الخبرات، من النادر ألا يكون هناك سبب قادم في البداية من عالم الشكل. أقدم لكم تجربتي داخل ظلمات الروح.لماذا؟
لأن هذا هو بالضبط هدف كل هذه العملية : الانفصال عن عالم الشكل، الذي لا يجلب إلا أماناً وسلاماً وحباً مزيفين ووهميين. إليكم التناقض : نحن بحاجة إلى أن نؤمن بهذا العالم ونتعلق به لكي نعود من بعدها إلى حيث سعادتنا الحقيقية. بالمقابل، في حالات نادرة، قد يبدأ الليل الأسود بدون سبب خارجي معروف، على الأقل في البداية. سوف أذكر قصتي مثلاً. لقد ابتدأ ليل الروح عندي منذ أكثر من سنة، بدون أن يكون هناك أي حدث خاص يفسر الأمر بطريقة منطقية. لم يكن هناك وفاة في محيطي، ولا أي تغيير على الصعيد العائلي أو المهني أو العاطفي، ولا أي مرض مفاجئ. وبرغم هذا، غمرني ألم عميق وحاد بدون سابق إنذار. اخترق شعور عميق بالفراغ الداخلي روحي مثل طعنة سكين. تمزق لم أعرف مثله من قبل. مشاعر سيئة هزت كل الاسس التي كنت أؤمن بها.الإحساس بالحياة
كانت الأيام تمر، بدون أن أستطيع أن أفهم شيئاً مهما كان. بهدوء ولكن بشكل مؤكد، فقدت الإحساس بالحياة. شعرت بأنني متعبة، مكتئبة، مرهقة. لم أعد أشعر بالفرح والخفة اللذان كنت أتميز بهما دائماً. لم يعد يرضيني شيء. كل تنفس كان يصبح مؤلماً أكثر فأكثر، إذن تخيلوا ما الذي يعنيه أن أذهب إلى عمل لم أكن أحبه. لم أستطع حتى أن أبقى بقرب الأشخاص الذين أحبهم، رغبتي بالعزلة كانت أقوى من كل شيء. انطلق ليل الروح الأسود الخاص بي، وأطلق النار على كل شيء في طريقه. لقد ألقى الضوء على أكبر مخاوفي وجراحي العميقة والقديمة. لقد قدم لي هذه الشخصية التي هي “الأنا ego” ولم يسمح لي أن أصرف نظري عنها. “هذا ما تؤمنين به، انظري إلى رأيك الوضيع بنفسك…أتظنين حقاً أن هذا ما أنت عليه؟” وهكذا كان عليّ أن أنزل إلى اعمق أعماقي كي أستكشف ما يختبئ خلف هذا الغلاف. أكثر ما جعلني أعاني، في هذا الطريق الإجباري، هو النقص في فهم الدائرة الخارجية (خصوصاً عندما لا يبدو أن هناك ما يبرر هذه النوبة الوجودية). مع هذا، فالألم الذي تسبب به هو مصدر شعور قوي بالتسامي، عندما نكتشف أخيراً أنه كان لدينا دائماً في داخلنا الموارد الضرورية. لهذا من المهم أن نعيش هذه المرحلة بأكبر قدر من الحميمية. هذا يترك لنا المجال لكي ننفصل عن الشكل بحسب إيقاعنا الخاص ونكتشف في داخلنا كنوزنا المخبأة.لكن قبل أن نصل إلى هنا، علينا نواجه حرباً حقيقية. وأين تدور هذه الحرب ؟ في فكرنا. علينا أن نلتف حول هذه الحرب لكي نبلغ أخيراً قلب كينونتنا : روحنا. الإنكار، الغضب، عدم الفهم، تثبيط العزيمة والعجز، إنها الحالات التي نكتشفها، قبل أن نتذوق طعم حقيقتنا، التي تقع على مستوى التسليم والقبول.
“أنا أسلّم أمام هذه الأحداث التي يبدو انها تريد أن تسبب لي الكثير من الأذى…” “أوافق على أنني أخطأت واخترت طريقاً خاطئاً” “أطلب من روحي أن تعفو عن خطأي البشري واختياري أن أتبع “الأنا” بدل مهمتي المحددة مسبقاً” “في الوقت الحاضر، أقبل أن أترك قلبي وحدسي يرشدانني”. مع هذا عليكم أن تنتبهوا، فالإيغو (الأنا)مخادع. إنه ماكر لدرجة أنه في بعض الحالات، ينتقل ليصبح صوتنا الداخلي الصغير. وخصوصاً بالنسبة لأولئك الذين، مثلي أنا، طوّروا عادة أن يعيشوا على مستوى الرأس، مع كبح الانفعالات والمشاعر.
التعليقات مغلقة.