ذاك الصباح بعد أن قتلت نفسي…
ذاك الصباح بعد أن قتلت نفسي، استيقظت.
تناولت فطوري في السرير وأضفت الملح والفلفل إلى البيض كما استعملت التوست المحمّص لأعدّ سندويشاً من الجبنة. وعصرت الليمون الهندي (الكريب فروت) في كأس.
قمت بحف البقايا عن المقلاة ونظّفت الزبدة عن طاولة المطبخ وغسلت الصحون وطويت المناشف.
ذاك الصباح بعد أن قتلت نفسي، وقعت في الغرام
لم أقع في حبّ الفتى في الشارع أو مدير المدرسة. كما لم أقع بحب ذاك الرجل الذي يمارس رياضة الجري كل يوم أو البقّال الذي اعتاد أن يدسّ بضع حبات من الأفوكادو في كيسي.
وقعت في حبّ أمي والطريقة التي جلست فيها على أرضيّة غرفتي، حاملةً في راحة يدها أحجار مجموعتي كلها حتى أصبحت سوداء من التعرّق. وقعت في حبّ أبي على ضفة النهر حين وضع بطاقتي في قنينة وأرسلها تبحر مع التيار. و وقعت في حبّ أخي الذي كان يؤمن في الماضي بالسحر وهو يجلس الآن إلى طاولته في المدرسة ويحاول يائساً أن يقنع نفسه بأني ما زلت موجودة.
ذاك الصباح بعد أن قتلت نفسي، أخرجت الكلب في نزهة
راقبت كيف ينكمش ذيله عندما يطير أيّ عصفور وكيف يسرّع خطاه عند رؤية أيّ قطة. رأيت المساحة الفارغة في عينيه عندما التقط القضيب وعاد نحوي ليحييني كي نتمكن من اللعب معاً حيث أرمي له القضيب ويلتقطه لكني لم أرَ سوى السماء مكاني.
في الصباح الذي تلى انتحاري، عدت إلى باحة بيت جارنا حيث خلّفت بصماتي على الاسمنت عندما كنت في الثانية من عمري ولاحظت كيف بدأت تزول وتختفي. قطفت بعض أزهار الزنبق وبعض الأعشاب الضارة وشاهدت المرأة العجوز من خلال نافذتها وهي تقرأ الصحيفة حيث ورد خبر موتي. رأيت زوجها يبصق التبغ في حوض المطبخ ويحضر لها أدويتها المعتادة.
ذاك الصباح بعد أن قتلت نفسي، شاهدت الشمس وهي تشرق، وكل شجرة برتقال تتفتح كاليد المبسوطة وذاك الطفل في الشارع يلفت نظر أمه إلى سحابة حمراء.
ذاك الصباح بعد أن قتلت نفسي، عدت إلى ذاك الجسد في المشرحة وحاولت أن أتحدّث إليه. حدّثته عن الأفوكادو وعن منصّات القفز، عن النهر وعن والديه. حدّثته عن مغيب الشمس وعن الكلب وعن الشاطئ.
ذاك الصباح بعد أن انتحرت، حاولت أن أعود إلى الحياة لكني لم أتمكّن من إنهاء ما بدأته.
التعليقات مغلقة.