كيف تصبح شخصاً لا يُنسى بفضل حيلة من علم النفس
حيلة من علم النفس
1- تصريف فعل الحب في الحاضر
أ- استعجل على مهلك فالوقت يمضي
“استعجل على مهلك” لأنّ “الوقت يمضي”. عندما نكون على علاقة بشخص ما فلنتعلّم أن نحبه.
وأنا أقول هذا الكلام التافه بالمعنى الأكثر عمقاً والأكثر واقعيّة. لنتعلّم أن نحبه عبر تقديره. ولنتعلّم تقديره عبر تقويمه بشكل صحيح. ولنقوّمه عبر ادراكنا لكافة الصفات الجسديّة والفكريّة والفنيّة والأخلاقيّة التي يتمتع بها بالفعل أو المحتملة لديه.
هذه القدرة على الاحترام ليست فطريّة بل نحن نعمل على تنميتها بفضل فضولنا اليومي عبر المراقبة الدقيقة للحركات والإصغاء الحقيقي للكلام، في تخلٍ عن الأنانيّة وفي غيريّة تسمح لنا بأن نكون منفتحين بشكل صادق على الآخر.
ب- تذكّر أنك ستموت فعش اللحظة وعش حياتك
غالباً ما نرتكب إثماً بدافع الكبرياء ويمنعنا الأنا من أن نطرح الأسئلة الصحيحة على أولئك المقرّبين منا الذين يمكن أن نتعلّم منهم. وهذه حماقة، فكلما علّمنا الشخص أكثر، كلما ساهم في بنائنا. وكلما بنانا، كلما شكّل جزءاً منا. بالتالي، كلما شكّل جزءاً منا، كلما أحببناه أكثر.
يروى أنّه في روما القديمة، وعندما كان القادة الرومان يعودون منتصرين من حملاتهم العسكريّة ويختالون في شوارع المدينة، يتوجّب على عبد يقف خلفهم أن يميل نحوهم ويهمس في أذنهم “غداً يوم آخر وتذكّر أنك ستموت”.
أفضت هذه الدعوة إلى التواضع إلى ظهور حركة فنيّة (رسم). وهي تعنينا أيضاً، فقليلة هي انجازات الماضي التي تستحق أن نُسكت من أجلها أسئلة الحاضر ونخاطر بخسارة درس قيّم في الحياة من قبل المقرّبين منا فضلاً عن الرابط المميّز الذي ينشئه هذا.
إذن، الفكرة العامة التي لن أملّ أبداً من تكرارها رغم أنها جليّة هي أنّ علينا أن نستفيد من كل لحظة نمضيها مع الأشخاص الذين نحبهم، بحيث نعيش الألم والحزن وليس الندم عندما يبعدهم عنا انفصال رمزيّ أو مميت.
في فيلم الحمار الوحشي الذي أخرجه جان بواريه في العام 1997، يلعب تيريه لارميت دور هيبولي وهو زوج شغوف متزوّج منذ 15 عام ومستعدّ لأن يفعل أيّ شيء كي يجنّب زواجه الوقوع في الرتابة.
وقد وجد الحيلة الأسمى للسحر. فكي يبقى حب زوجته الحقيقي الوحيد ويتفوّق على منافسيه كلهم، اختار الانتحار! يضع هيبولي حداّ لحياته عن عمد ويترك زوجته في علاقة غير مكتملة وغير منتهيّة (تأثير زيجارنيك) فيحتلّ بذلك ذاكرتها وأفكارها إلى الأبد. ولعل الملفت هنا أنّ المخرج جان بواريه توفي من جهته قبل عرض الفيلم بثلاثة أشهر…
آمل أن تعملوا من الآن وصاعداً على التحكّم في حركاتكم وأن تعرفوا كيف تسرّعون الأمور أو تبطئون وتيرتها، على أن تدركوا دوماً الأثر الذي تخلّفونه لئلا يسبقكم الوقت على غفلة منكم..
ما هو تأثير زيجارنيك؟
أ- إلى أولئك الأطفال المحبطين…
في العام 1927، وفيما هي تنهي دروسها في جامعة هومبولدت في برلين، حققت عالمة النفس الروسيّة بلوما زيجارنيك اكتشافاً علمياً مذهلاً!
في إطار الأعمال الاختباريّة، دعت الباحثة مجموعة من الأطفال للقيام بسلسلة من المهام البسيطة، في وقت محدود جداً. وبما أنّ المهلة كانت قصيرة جداً، لم يتمكّن الأطفال من إنهاء كافة المهام المطلوبة منهم.
بعد حين، عادت الباحثة إليهم وطلبت منهم تعداد المهام الواحدة تلو الأخرى. والغريب في الأمر هو أنّ الأولاد كانوا يتذكّرون بشكل أفضل المهام التي لم يتمكنوا من إنجازها: أشارت النتائج إلى نسبة حفظ للمهام غير المنجزة بمعدل 1.9 مرة أكثر من تلك المنجزة.
ب- …. عمل غير منجز
يعود التفسير الأكثر ترجيحاً إلى حقل الدافع البشريّ إذ ينشا عن بدء نشاط ما توتر انفعاليّ في الجسم الذي ينشط ويستثمر كافة الموارد اللازمة من طاقة وانتباه كي يتصوّر العمل بعد إنجازه والمشكلة بعد حلّها. لكن عندما تتم إعاقة المهمة أو قطعها، يبقى الجسم محبطاً ولا يصل إلى تأثير الاسترخاء الناجم عن إنجازها. وبقاء هذا التوتر الناشط يبقي بالتالي المهمة محفورة في الذاكرة.
وعندما كانت الباحثة تسمح للأطفال بأن ينهوا المهام غير المنجزة وأن يحصلوا على لحظات من الراحة والاسترخاء، تعود النتائج التي تسجّلها الذاكرة لتتساوى في ما يتعلّق بكافة المهام.
التعليقات مغلقة.