جايسون بادجيت: الرجل الذي انكشفت له أسرار الكون بعد ضربة على رأسه

0

ذكرنا في المقال السابق كيف أصبح جايسون بادجيت قادراً على رؤية أسرار الكون، وكيف تحول من حياة اللهو وارتياد الحانات إلى عالم عبقري في الهندسة والرياضيات بعد أن تعرض لضربة على رأسه. في هذا المقال يروي جايسون بادجيت الرجل الذي انكشفت له أسرار الكون بعد ضربة على رأسه تفاصيل عن تجربته عبر مقالبة في مجلة ايبوك تايمز.

وهم الواقع الكبير

صرّح باجيت لمجلة ايبوك تايمز في فبراير/شباط2017، بعد مرور عامين على المقابلة الأولى قائلاً:

“أعتقد أني أملك اليوم فهماً أفضل لكيفية عمل العالم الحقيقي. وأصبح العالم الحقيقي اليوم أكثر غنى وعمقاً وأكثر شبهاً بالخيال العلمي مما تخيّلت يوماً.”
ويشرح بادجيت بأن ما يراه أمامه يشبه فعلاً الخيال العلمي. “تخيّلوا أنّ الكون أو عالمنا الحقيقي أشبه بشاشة تلفاز عملاقة. تنظرون إلى الشاشة وترون صور ما يجري في حياتنا وواقعنا تمر أمامكم. قبل أن أصاب بالجرح في الدماغ، كانت الصور التي أراها تمر أمامي الواحدة تلو الأخرى بشكل متتالٍ، ومن دون فاصل أو مساحة بينها، وكأنها تخرج من فيلم على التلفزيون. واختلف الأمر بعد الجرح في الدماغ: تخيّلوا الصور تأتي وتمر الواحدة تلو الأخرى، مع فاصل بينها، كما لو أنّ العالم الحقيقي يتألف من سلسلة من الأحداث، وكل شكل من أشكالها غير متساوٍ وغير متواصل. ما فاجأني هو أنّ دماغنا يعكس الصور الفردية التي نراها ويلفّق الانتقال ما بينها، بحيث يبدو كل شيء وكأنه في حركة متواصلة”.

ايبوك تايمز: هل يمكن تكبير داخل كل صورة؟

“تتألف كل صورة من بكسلات أصغر تتخذ شكل مثلثات ضئيلة الحجم، كما عندما يحصل خلل. وهذه البكسلات يمكن أن تكون أصغر وأصغر وأصغر إلى حدّ أن تشبه خطاً مستقيماً، بحيث تبدو ثابتة ومستقرة. ويوجد في كل بكسل الصورة المكتملة، ما يعكس مبدأ الكون الهولوغرافي (المجسّم أو الثلاثي الأبعاد).”

الطاقة في حركة (تقدمة جايسون بادجيت)

ايبوك تايمز: والكل يتذبذب بسرعة معيّنة؟

“نعم. نعلم أنّ كل شيء في الكون يتذبذب على تردد معيّن، كالموجة. كل حس ندركه مصنوع من ذلك. فالبصر على سبيل المثال يعتمد على الموجات الضوئية فيما يعتمد السمع على الموجات الصوتية ونحن نشعر بالحر أو البرد لأن الجزيئات تتذبذب بترددات مختلفة.”

امتداد المثلث (تقدمة جايسون بادجيت)

إيبوك تايمز: إذن، بدأت تطرح على نفسك أسئلة.

“صحيح، لكن الأجوبة التي حصلت عليها قد تبدو لكم من الخيال العلمي.” (ودخل الدكتور بادجيت هنا في شرح للفيزياء، حاولنا أن ننقله بطريقة مبسّطة.) ” نحن نعلم أنّ ثمة ظاهرة فيزيائية تسمى ظاهرة أو تأثير دوبلر. وبحسب هذه الظاهرة، يتأثر تردد الموجات بالتغيّرات الناجمة عن حركة الأشياء، كما هو الحال بين السيارة والشخص الذي ينظر إليها. والمثل الأبسط هنا هو شخص يقف على جانب الطريق ويراقب سيارة تتحرك. عندما تقترب السيارة، يكون الصوت الذي تصدره (صوت المحرك أو الصفارة في الاسعاف) أقوى مما هو في الواقع. وعندما تبتعد، يكون منخفضاً أكثر.”

“إذا تخيّلنا أنّ سلسلة لامتناهية من الأشخاص على مسافات مختلفة تنظر إلى السيارة، فسيسمعون كلهم الصوت بتردد مختلف. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما هو الصوت الذي تصدره السيارة؟ وما من جواب واحد صحيح لأن الأجوبة كلها صحيحة. وفي السياق نفسه، إذا نظر الكل إلى قميصي، فيمكن أن يروه بألوان مختلفة: أزرق، أحمر، أصفر، أخضر. وهذا يعتمد على المكان الذي يقصدونه والسرعة التي يتنقلون بها مقارنة بي. يمكنكم إذاً أن تقولوا إنّ ما يختبره كل واحد منا هو جزء فقط من الحقيقة والواقع. وما يفعله الخيال العلمي فعلياً هو وصف الحقائق البديلة أو الموازية. ثمة حقائق لامتناهية وكل واحدة منها صحيحة بشكل متساوٍ.”

يبقى أن نحدد كيف يرى بادجيت الناس، وكيف يدخلون في العوالم الهندسية والموازية التي تمر بشكل متواصل أمام عينيه.

شكل صدفة النوتيلوس أو النوتي (تقدمة جايسون بادجيت)

يؤكد بادجيت “انّ البشر ينسجون ويتواجدون في عالم هندسي. أنتم، أنا، الشجرة، الكون، الكل يتموضع معاً وينتمي إلى تركيبة أو نظام معين أوسع. في الماضي، كنت أشعر بأني منفصل عن الكون وعن الآخرين لكني أرى الآن الأشياء بشكل مختلف. وكما أن نواة الخلية تشكّل جزءاً من الخلية، والخلية تشكّل جزءاً من جسمي، كل شيء ينتمي إلى نظام أوسع ما يعني حرفياً أننا كلنا مرتبطون ومتصلون ببعضنا البعض وما يفعله كل واحد منا يؤثر في الكل.”
نحن حرفياً مرتبطون ومتصلون ببعضنا البعض وما يفعله كل واحد منا يؤثر في الجميع.

إيبوك تايمز: هل تغيّر موقفك حيال الأشخاص الآخرين عندما بدأت ترى العالم بشكل مختلف؟

“أشعر اليوم بعطف كبير جداً نحو الجميع. فأنا أرى الآخرين في الوقت نفسه مع كافة قدراتهم. أشعر بعذاباتهم وتشوّشهم بشكل قويّ. لا أحتمل أن أرى شخصاً مجروحاً او أن يُلحق الأذى بشيء ما أو حتى أن يشعر شخص ما بعدم الارتياح.”
إيبوك تايمز: ما هو شعورك حيال الأشخاص الذين أقدموا على ضربك؟
“في السنوات الثلاث الأولى، كنت أتخيل أن ألحق بهم كل الأذى الممكن لكني أشعر اليوم بنوع من العطف اتجاههم. أدركت أنّ عليّ أن أسامحهم لأني كلما استذكرت ما حدث يعود القلق ليحتّل فكري من جديد. كما أني عندما فكرت بتجرّد بما حصل، بدا لي الأمر غريباً جداً: لو لم تحصل عملية السرقة العنيفة هذه، لما تمكّنت من تطوير المهارات التي أتمتع بها اليوم، وكان من شأن هذا أن يغيّر حياتي تماماً: ما كنت لأعود إلى الجامعة، وما كنت لألتقي بزوجتي هناك وما كنا لنرزق بطفلنا.”

إيبوك تايمز: ما الذي يمكن فعله لمساعدة الناس على التصرّف بشكل مختلف؟

“أتمنى أن أُظهر للناس الكون كما أراه، أود أن أتمكّن من التعليم في الجامعة. في الشهر المقبل، سألقي محاضرة في تجمّع يضم آلاف المدرّسين وسأشرح كيف يمكن تعليم الرياضيات بواسطة رسومي، وهي طريقة أبسط وملموسة ومادية أكثر للتعلّم. وبدلاً من الصيغ المجردة، سأظهر لكم كيف هو الكون فعلاً. أما الهدف الأبعد فهو إلهام الناس. أنا أرى العنف بين البشر والأمراض والفقر. لكني أرى أيضاً كيف يبني الناس، من كافة الأنحاءد الكون بواسطة أشكال هندسية مذهلة. إذا استطاع الكل أن يرى ويفهم جمال وحقيقة الكون، فستتراجع لديهم الرغبة في الحاق الضرر بالاشياء وتدميرها. هذا هو هدفي في الحياة اليوم- أن أبيّنه للناس.”

لمتابعة المزيد من المقالات المشابهة يمكنكم زيارة موقع حياتنا

أو صفحة الفيسبوك: أفكار تغير حياتك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.