سر الماء: لماذا استعملت الأديان الماء من أجل التطهير الروحيّ ؟ (1)
يستخدم الجميع الماء لتنظيف كل شيء تقريباً: الوجه، اليدان، وحتى الجسم. ما لا يدركه الكثيرون هو أنه يمكن للمياه، حتى عندما نكون نظيفين جداً، أن تنظّف طاقتنا ويمكننا أن نقوم بعملية تطهير روحي بواسطة الماء. ما هو سر الماء ؟
تُعرف المياه في العديد من المعتقدات الدينية كعنصر أساسي لكل حياة. فمن دون الماء، يحل الجفاف والموت. في الشعائر الدينية الكونيّة، نبحث عن الأمل والشفاء اللذين يمنحهما الماء للجسم والروح والنفس.
ومنذ بداية الأزمنة، أدركت كل حضارة أن الماء هدية إلهيّة.
تمنح المياه الحياة وتنظّف وتجدد
إنّ استعمال المياه في الشعائر منذ بداية الأزمان ليس محض صدفة. فما من حياة من دون ماء. تستحق المياه اهتمامنا وانتباهنا ووقتنا، ليس من الناحية البيئية وحسب بل من أجل شفائنا. لا حاجة لأن ننتمي إلى دين معيّن أو جماعة روحانية لنختبر المنافع المطهّرة لطقس العمادة الشخصيّة.
خُلقت الحياة الأولى في المياه الرحبة للمحيطات. ويمكننا أن نقارن تطوّر أشكال الحياة في البحر ببطن الأم حيث تبدأ حياة البشر. فالرحم هو جيب الماء الذي يحيط بأول شكل من أشكال الحياة.
جرى اعتبار العديد من المواقع التي تشكّلت فيها الينابيع أو كانت في الأصل ينبوعاً للماء، مقدّسة لأنها اعتُبرت مباركة وهي تتشكّل من النبع أو من باطن الأرض.
لكل الأديان ينابيع وكهوف وشلالات وأنهار مخصصة للقداسة. وما من معتقد ديني لا يستخدم الماء ونوعاً من الحمام في عاداته وممارساته.
يحتلّ الماء موقعاً مركزياً في شعائر ومعتقدات العديد من الديانات أو التقاليد وذلك لسببين رئيسيين.
في البداية، الماء ينظّف ويخلّصنا من الأوساخ والملوّثات. ويمكن أن يمنح الأغراض مظهراً جديداً ويمحو أثر أيّ وسخ سابق. والمياه لا تطهّر الأغراض لاستخدامها في الشعائر وحسب بل يمكنها أيضاً أن تجعل الشخص نظيفاً، خارجياً أو روحانياً، جاهزاً للدخول إلى دار عبادته.
ثانياً، تعتبر المياه عنصراً أساسياً للحياة. فما من حياة من دون ماء، علماً أنّ المياه تتمتع بالقدرة على التدمير وعلى التكوين. نحن تحت رحمة الماء. ويظهر معنى الماء بشكل مختلف وفقاً للديانات والمعتقدات لكن موقعه في ثقافاتنا ودياناتنا يقوم على هاتين الصفتين.
يمكن أن نرى عنصر الماء في ثقافات وديانات أخرى في شعائر مثل:
في أميركا الجنوبيّة، اعتاد المعالجون أن يصفوا حماماً بالزهور لتطهير الجسم الروحيّ.
في الديانة الكلتيّة، يقوم معبد سوليس، الإلهة التي يعبدونها على موقع ينابيع المياه الحارة في باث، في انكلترا.
تشكّل أكواخ العرق والحمامات جزءاً لا يتجزأ من التقاليد الروحانية لسكّان أميركا الأصليين من الهنود الحمر.
تم إنشاء معابد الإنكا كي تسيل المياه منها نحو المواقع التي تقام فيها الشعائر والمنازل الواقعة أسفلها.
كان المصريون القدامى يعبدون نهر النيل وقد اعتاد كهنتهم أن يستحموا في مياهه قبل الدخول إلى المعابد المقدّسة.
في التقاليد والعادات الأفريقية، يستخدمون قدرة الإله المقدّس على الإصلاح في حمامات تجري أثناء الطقوس والشعائر. والماء هو الوسيلة المستخدمة لتطبيق عناصر الشفاء على الشخص وربطه بها، عبر ترطيب أو شفاء جذور الروح في عمقها.
إنّ التطهّر الروحي بالماء والحمام الروحاني يمنحان فرصاً للتغيير ويفتحان الباب أمام الشفاء. تصبح المياه قناة تساعد على التخلّص من الذبذبات السلبيّة والأفكار والمشاعر والانفعالات التي تشكّل الأساس للعديد من المشاكل الجسديّة والعاطفيّة التي تعيق الوضوح الروحي. هذه المياه الشافية تنعش وتمنح شفاءً عميقاً للشخص الذي يخضع للطقس وتخلّصه بالتالي من السلبيّة.
انتظروا القسم الثاني من هذه المقالة: 3 طرق للتطهير الروحي بالماء سوف تغير حياتكم (2)
التعليقات مغلقة.