اختبار أخلاقي : هل برأيك يجب أن تضحّي السيارة الذاتيّة القيادة بك أنت سائقها لتنقذ عدداً أكبر من الأرواح؟
اختبار أخلاقي : هل برأيك يجب أن تضحّي السيارة الذاتيّة القيادة بك أنت سائقها لتنقذ عدداً أكبر من الأرواح؟
تخيّل المشهد التالي: أنت في سيارة ذاتية القيادة، وبعد أن انعطفت، أدركت أنك على وشك أن تصطدم بمجموعة من 10 أشخاص يسيرون في طريق محاطٍ بجدران من الناحيتين.
هل على السيارة الذاتيّة القيادة أن تصطدم بالجدار كي تنقذ المجموعة، علماً أنّ ثمة احتمال أن تقتل أنت؟
أم عليها أن تفعل ما بوسعها كي تتوقّف، علماً أنها ستصطدم بالمجموعة إنما ستحميك أنت؟ هل الذكاء الاصطناعي ذكيّ بما يكفي كي يتخذ القرار المناسب؟
في مقال نشر في مجلة Arxiv، قارب فريق من الباحثين هذه المعضلة الاخلاقية تحت إشراف جان فرنسوا بونافون. وهو رجل علم وأخصائي نفسي، متخصص في الأخلاقيات في كلية الاقتصاد في جامعة تولوز. لاحظ الباحثون أنّ بعض الحوادث لا مفر منها مع طفرة السيارات الذاتية القيادة وأنّ ما تم برمجة السيارات لتفعله في مثل هذه الحالات يمكن أن يلعب دوراً مهماً جداً في اعتماد هذه التقنيّة.
وكتب الباحثون: “إنه لتحدٍ كبير أن تحدد الخوارزميات التي ستوجّه السيارات الذاتيّة القيادة كي تتخذ قراراً أمام مثل هذه المعضلات الأخلاقيّة. ونؤكّد أنّ المصممين والمنظّمين يحتاجون من أجل بلوغ هذه الأهداف إلى أخصائيين نفسيين لتطبيق المنهجيات الأخلاقية التجريبيّة على أوضاع تتضمن سيارات ذاتيّة القيادة وحوادث لا مفرّ منها.”
في هذا المقال، استطلع الباحثون رأي 1928 شخصاً عبر الانترنت
قدّم الباحثون للمشاركين سيناريوهات عدة من ضمنها السيناريو الذي ذكرناه سابقاً. كما عدّلوا عدد الأشخاص في السيارة، وعدد الأشخاص في مجموعة المشاة وعمر الأشخاص الموجودين في السيارة (ليكون من بينهم أطفال).
في المجمل. بدا المشاركون مستعدين للتضحية بالسائق من أجل إنقاذ الآخرين، لكن معظمهم لم يظهر استعداداً لأن يفعل هذا إن كان هو السائق. وفي حين أنّ 75% رأى أنّ من الواجب الأخلاقي أن يحيد السائق. اعتقد 65% فقط أنّ السيارات مبرمجة في الواقع لتنحرف.
وأشار الباحثون أيضاً إلى التالي “على مقياس يتراوح بين -50 (حماية السائق بأيّ ثمن) و+50 (انقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح)، جاء الرد في المتوسّط +24. تشير النتائج إلى أنّ المشاركين لا مشكلة لديهم بشكل عام مع الآليات الذاتية القيادة التجاريّة، المبرمجة كي يبقى عدد القتلى في أيّ حادث في حدّه الأدنى”.
لكن المسائل القانونيّة بشأن السيارة الذاتية القيادة ليست واضحة.
هل يتوجّب على الدولة أن تتدخّل لتجبر مصنّعي السيارات الذاتيّة القيادة على أن يسعوا لكي تبرمج بشكل ينقذ أكبر عدد ممكن من الأرواح؟ أم سيسمح بأن تكون مستويات الأخلاقيات للسيارات مختلفة؟
إذا اقترح المصنّع نسخات مختلفة من برنامجه الأخلاقي واختار المشتري عن علم ووعي أحدها. فهل يتحمّل المشتري مسؤولية الآثار السلبيّة والضارة لقرارات البرنامج؟
وكما أوردت المجلة العلمية أم أي تي تكنولوجي ريفيو. إنّ السيارة الذاتيّة القيادة تبقى بحكم طبيعتها أكثر أماناً من السائقين من البشر. ولعل هذا يثير في حدّ ذاته معضلة جديدة. ويشير المقال الذي نشرته المجلة إلى أنه “إذا تراجع عدد الأشخاص الذين يشترون السيارات الذاتيّة القيادة لأنها مبرمجة كي تضحي بمالكها. فإن عدد الأشخاص الذين قد يموتون في الحوادث سيرتفع لأنّ السيارات العاديّة مسؤولة عن عدد أكبر من الحوادث.”
مما لا شك فيه أنّ السيارات الذاتيّة القيادة هي المستقبل المنطقي للنقل العام. وإنها تعد بإحداث ثورة في الرحلات عبر العالم. لكن وكما أشار المقال ما زال هناك الكثير من التحديات المهمة التي تواجهها.
التعليقات مغلقة.