انها حامل! يا للأسف، خسرنا موظفةً أخرى!

انها حامل! يا للأسف، خسرنا موظفةً أخرى!

سأكون صريحةً جداً و أعترف بأن أول ما كنت أفكر فيه كلّما اخبرتني احدى الموظفات اللواتي يعملن معي في الفريق بأنّها حامل هو “يا للأسف! ها نحن نخسر موظفةً كفوءةً أخرى!”. و أبدأ بحساب متى سوف تلد و التفكير بكيفية التعويض عن غيابها خلال فترة عطلة الأمومة، و كيف سأتصرف عندما تعود الى العمل بنصف قلبٍ و نصف عقل و نصف روح.

لن أكذب, فقد كنت أعتقد أنه من الأفضل أن تترك المرأة عملها عندما تنجب أطفالاً لتتفرغ لتربيتهم, على الأقل في السنوات الأولى من عمرهم.

كنت أسلم المهام الصعبة و المعقدة لمن ليس لهن أطفال أو للرجال بدلاً من الأمهات. لأنه في رأيي لن تستطيع التركيز في عملها وسوف تتشتت لأنها تريد أن تتصل بالحضانة أو بالجدة للاطمئنان على حال الطفل. عندما يمرض طفلها ستضطر الى الغياب، وعندما يكون لدى طفلها حفلةٌ في المدرسة ستضطر الى الغياب. عندما تقفل الحضانة أو تمرض الجدة ستضطر الى الغياب… و ها أنا من جديد أبحث عن بديل مؤقتٍ لها في جميع “أعذارها” و غياباتها لكي يستمر العمل في المستوى نفسه.

حتى أنني عندما كنت أبحث عن أحد في الفريق لترقية منصبه، أستثني أسماء الأمهات جانباً لأنهن “لن يستطعن تحمل هذه المسؤولية فلديهم ما يكفي!”. كنت أعتقد أنهن لا يرغبن أساساً في التقدم في عملهن لأن الأولوية ستكون دائماً للعائلة على حساب العمل.

لم يكن يهمني سوى تقديم مستوى الكفاءة نفسه في جميع الحالات. و كنت أسأل نفسي “لماذا تستمر في العمل و تزيد من تعقيد حياتها بين العمل و المنزل؟ لا أحد يستطيع أن يوازن بين الاثنين بشكل جيد, هذا مستحيل!”.

AdobeStock License

لا لن أقول لكم أنهن استطعن أن يوازنّ بين العمل و المنزل, لأن هذا فعلاً مستحيل!

و لكن سأقول أنني عندما كنت أعبر عن رأيي في التمييز بين الجنسيات المختلفة في العمل بسبب قوانين دولتنا (و لا بد أن قوانين الدول الأخرى تميز ايضاً بين جنسيات العمال)، وأستنفر معترضةً بأن الموظف الأجنبي قد بذل مجهوداً مثله مثل أي عامل آخر من البلد، لا بل ربما أكثر ليستطيع أن يثبت نفسه…

سكتّ للحظات, فالتمييز لا يتجزأ, و اذا كنت أعتبر بأنني مديرةٌ عادلة, فلماذا اذاً لا أعطي للأمهات الفرص نفسها؟

فقد اكتشفت أنني “أميّز” بين الموظفين في فريقي.

لن أقول أنه من السهل الخروج من هذه العقلية و هذه الصورة النمطية عن الأم العاملة. و لكنني أستطيع أن أقول أنني بدأت بخطوات بسيطة. لأن مبدأي ما زال هو الحفاظ على مستوى العمل الجيد في جميع الظروف. و لكنني أصبحت أتقبل فكرة أن الأم العاملة اذا أخطأت فليس السبب أنها كانت ملهيّةً بالاطمئنان على طفلها, لأن الموظفين الآخرين يخطئون أيضاً مثلها تماماً و في بعض الأحيان أكثر.

ما زلت أحتاج لبعض الوقت لكي أدرج أسماء بعض الأمهات في لائحة من أرشح للترقية في العمل. لأنني ما زلت أحاول التحرّر من الشعور بالذنب تجاه أطفالهن. فكلما زادت مهامهن كلما اضررن في البقاء أحياناً للعمل ساعات اضافية و هذا يعني الابتعاد عن أطفالهن لوقت أطول.

و لكنني أعلم الآن بأن صعوبة الأمر بالنسبة لمدير العمل. لا يمكن مقارنته بالصعوبات التي تواجهها الأمهات بشكل يومي, فهناك العديد من الموظفين الذين يستطيعون أن يحلوا مكانها مؤقتاً خلال دوام العمل و لكن أطفالها ليس لهم سوى أمٌّ واحدة …

انها حامل! مبروك! قولي لها بأن تخبرنا اذا كنت بحاجةٍ الى أي دعم…

زينة خليفة

التعليقات مغلقة.