أنا وحيد، وحيد جداً. ماذا أفعل؟

أنا وحيد، وحيد جداً. ماذا أفعل؟ (2)

يشتد حزننا في الوحدة: الضوء الخافت يؤذي عينينا عندما تعتادان على ظلام الليل الحالك”. –يوجين ماربو

الوحدة، قنّاص من النخبة

أ- إعادة تأهيل السرعة

إنّ نقص العلاقات قاتل أكثر من التلوث، ارتفاع ضغط الدم، البدانة، أمراض القلب التاجية، وإدمان الكحول! يمكن مقارنة مخاطر هذا النقص بمخاطر التدخين، التي نتعلم جميعنا توخي الحذر منها يومياً مثل الطاعون، من خلال حملات التوعية.

كم تبلغ قيمة المبالغ التي ننفقها لعلاج هذه الأمراض كلها؟ كم ننفق من مال للوقاية من التدخين؟ وكم ننفق لحماية أنفسنا من الوحدة؟

ب- قصة قصيرة

منذ القرن العشرين، لوحظ تسجيل معدل وفيات مرتفع جداً لدى الأطفال اليتامى (علماً أنهم في حالة صحية ممتازة): السبب هو قلة التفاعل البشري. استنتج الأطباء من هذه الأرقام المرتفعة مدى أهمية التفاعل الإجتماعي! وأحدث ذلك تغيرات كبيرة في سياسة استقبال هؤلاء الأطفال. اليوم، تشير الدراسة إلى أنه من الضروري أن ينتشر هذا الوعي لدى البالغين. تنقذ العلاقات الإجتماعية العديدة والقوية حياتنا!

ج- العلاقات ليست متساوية كلها

تشير الإحصاءات إلى أنّ العلاقات الإجتماعية يمكن أن تزيد من فرص بقائنا على قيد الحياة بنسبة تصل إلى 91%! مقارنة مع شخص يعيش وحيداً!

لكن علاقاتنا الإجتماعية لا ترتبط كلها بطول عمرنا. فمعيار “العيش وحيداً/ العيش مع شريك” على سبيل المثال ليس عاملاً محدداً حاسماً بل هو دليل سيء. في الواقع، وجود شريك حياة لا يضمن أن نكون سعداء اجتماعياً: يعيش البعض علاقتهم العاطفية بطريقة مؤلمة للغاية ويعانون من توترات عاطفية قوية جدًا يومًا بعد يوم! لا يهم نوع العلاقة بقدر أهمية جودتها الحقيقية، أي قدرتها على تلبية احتياجاتك العاطفية.

تنقذ العلاقات الإجتماعية حياتنا بطريقتين. من ناحية، تشكّل حاجزاً في وجه التوتر. ومن ناحية أخرى، يدفعنا الانتماء إلى مجموعات بشكل عام نحو عادات صحية أكثر من تلك التي نتبناها عندما نظل وحدنا (الرياضة، والحياة الإجتماعية، والنشاط الهادف، والدعم الطبي، والالتزام بالعلاجات، والنجاح المهني، والنظام الغذائي، وما إلى ذلك).

د- لا تبقوا على حالكم: قدّموا أفضل ما لديكم!

كل علاقة تستحق العناء. على الرغم من أوهامك كلها، ومن تحالفاتك كلها، ومن كل العقود المبرمة والوعود المقطوعة، لن يحبك أحد أبدًا من دون أي قيد أو شرط: لا الزملاء ولا الشركاء ولا العائلة ولا الأصدقاء، ولا حتى أولادك.

الحب الحقيقي، الاهتمام العفوي والصادق، الحضور الطوعي، والتعاطف التلقائي وفرح الآخرين… هي امتيازات وليست حقاً من حقوقك. إنها تعتمد على طريقة تصرفك أثناء تفاعلاتك الإجتماعيّة، والطريقة التي تظهر بها لطفك وظرفك، والصورة الإيجابية التي توصلها للآخرين، والقيمة التي تضيفها إلى حياتهم، والمشاعر التي تثيرها لديهم… يظهر هذا كله أثناء الأحاديث المتبادلة بشكل خاص، فالحوار واحد من أهم أسس العلاقات الإنسانية التي تحدد تطورها من البداية حتى النهاية!

التعليقات مغلقة.