لماذا كلما حاولنا أكثر، كلما قلّت فرص نجاحنا ؟

لماذا كلما حاولنا أكثر، كلما قلّت فرص نجاحنا ؟ هل تعرف قانون الجهد المعكوس؟ ثمة العديد من اللحظات في الحياة حيث يؤدي بذل المزيد من الجهد إلى تفاقم الأمور وجعلها أكثر سوءاً. عندما تتعرض للدغة بعوضة على سبيل المثال، يؤدّي حكّ مكانها إلى زيادة الطفح الجلدي والحاجة للحكّ. وينطبق الأمر نفسه على العديد من اللحظات المهمة في الحياة. لعل الوقت حان كي تبتعد عما تفعله وتستفيد من عدم القيام بأيّ شيء.

ثمة لحظات في الحياة حيث يؤدي بذل الكثير من الجهد إلى نتائج عكسيّة. يُطلق الفيلسوف ألدوس هاكسلي على هذا تسمية قانون الجهد المعكوس، وهو يعكس فكرة قديمة في الطاوية تقوم على الابتعاد عن الصخب والحركة وترك الأمور تحدث.

يقول آلان واتس: “إنّ أفضل طريقة للتخلّص من المياه العكرة هي بتركها تهدأ.”

ويشكّل الشخص الذي يعاني من الأرق مثالاً جيداً. فالنوم عملية لاواعيّة بالكامل، وتفضي محاولة النوم أو الرغبة في النوم إلى أثر عكسيّ تماماً. وكلما رغبت أكثر في النوم، كلما بقيت مستيقظاً أكثر.

إنّ هذا القانون موجود لأنّ عقلنا الواعي يبقى في صراع مع عقلنا اللاواعي في أغلب الأحيان، وهذا الأخير هو الذي يفوز. لماذا؟ لأنه هو من يحمينا وهو نادراً ما يكون منطقياً.

تخيّل أن أضع لوحاً خشبياً على الأرض وأن أطلب منك السير عليه. ستفعل هذا من دون أيّ تحفّظات، أليس كذلك؟ ففي النهاية، هذا مجرد لوح خشبي ويمكنك أن تطلب من جسدك بشكل واعٍ أن يفعل ذلك وسيفعلها. لكن ماذا لو كان هذا اللوح في أعلى مبنيين شاهقين؟ إذا طلبت منك حينها أن تسير على هذا اللوح نفسه، فهل ستفعل ذلك؟ سترفض ذلك بالتأكيد، علماً أنه الفعل الجسدي نفسه. ستشعر بالقلق وستخشى السقوط، وكلما زادت محاولاتك لأن تقاوم هذا الشعور، كلما ساءت الأمور أكثر. إنّ فرص سقوطك من على اللوح في الهواء تعادل فرص سقوطك عنه وهو على الأرض، إلا أنّ عقلك يتخيّل كافة أنواع السيناريوهات المخيفة ويمنعك من القيام بالخطوة.

يقول إميل كوييه: “عندما ينشب صراع بين المخيلة والإرادة، تغلب المخيلة دوماً، ومن دون أيّ استثناء.”

إليك بعض النصائح كي تستغل قانون الجهد المعكوس لصالحك:
  • تخلّص من فكرة أنه من الضروري أن تعمل بجدّ وبصورة مكثّفة
  • لا تحاول أن تعمل إن كنت لا ترغب في ذلك
  • استمع إلى الإشارات التي يرسلها جسمك
  • ثق بتجربتك.

ولا يعني هذا أنّ عليك أن تتجنّب العمل بجدّ أو لساعات طويلة مهما كان الثمن، بل يعني أنّ عليك ألا تتوتر وألا تبالغ في بذل الجهد. يمكننا أن نسير قدماً نحو أهدافنا مع نسبة أقل من الجهد والتوتر والقلق والهموم.

يقول وارن بافيت: “تتطلب بعض الأمور شيئاً من الوقت بغض النظر عن مدى الموهبة وكمّ الجهود. لا يمكنك أن تحصل على طفل في شهر واحد عبر التسبب بحمل تسع نساء.”

إن كان يومك صعباً بشكل خاص، فخذ استراحة. إن لم يكن العمل يسير بسلاسة فاسترخِ. ليبقَ هدفك في ذهنك، لكن ركّز أكثر على اللحظة الراهنة وعلى حاجاتك الحقيقيّة. يجب علينا في بعض الأحيان أن نتوقّف عن النظر إلى الشجرة وأن نتراجع قليلاً كي نرى الغابة.

عندما تبدأ بالاسترخاء، ستضع التفكير المنطقي جانباً وستسمح لقدرات أخرى بأن تظهر مثل الحدس والإبداع. ستحصل تدريجياً على نتائج أفضل، وعلى انسيابيّة أكثر، وطاقة أعظم، ولذة أكبر. وهذا أخيراً ما سيقودك تحديداً نحو أهدافك مع مرور الوقت.

يجب أن تتمكن من أن تتسلى وتمرح على طول الدرب الذي يفضي إلى أحلامك. كما يجب أن تجعل هذه الرحلة تستحق العناء، بغض النظر عن لحظة الوصول.

التعليقات مغلقة.