لماذا أصبحت السياسة كلمة بذيئة؟
السياسة والحريّة
تبدو الكلمة في حدّ ذاتها ككلمة بذيئة في الآذان الحساسة للأرواح أو العقول الضعيفة. لقد تمكّنت أجيال من أصحاب ربطات العنق الفاسدين من أنّ تربط بين هذه الكلمة وبعض الأفكار الشنيعة كالملل أو الخلافات أو الصعوبة أو عدم الجدوى.
في الواقع، أصبح الحديث في السياسة اليوم سلوكاً خاطئاً في العديد من الأوساط. وتكاد الأفكار الشخصيّة أن تثير الشبهات! أريد أن أعترض بقوة على هذه الديناميكية.
يقول نيكولاس موراي باتلر، رئيس جمعية Pilgrim Society القويّة، التالي: “ينقسم العالم إلى ثلاث فئات من الناس: عدد صغير يصنع الأحداث، ومجموعة أكبر بقليل تراقب حدوثها، وغالبية كبرى لا تعرف أبداً ما الذي يجري في الواقع.”
علماً أنّ السياسة وبكل بساطة هي الاهتمام بشؤون المجتمع.
مساحة للعيش
يمكن لهذا الخوف من تكوين رأي ومن تحمّل مسؤوليّة الأذواق والميول أو من اتخاذ القرارات أن يترك أثراً ضاراً ومدمراً على أسلوب حياتك. “أولئك الذين يخشون ظلّهم ينتظرون منتصف النهار حتى يستيقظوا فيما الآخرون يركضون ويعملون في هذه الأثناء”، وذلك بحسب تعبير فرنسوا ميتران.
ويصح هذا أيضاً على الصعيد الشخصيّ. فعندما لا تعبّر بقوة وحزم عن أفكارك الخاصة خوفاً من المعارضة، تعرّض نفسك لخطر الخضوع. أما التعبير عنها والدفاع عنها فهي طريقة كي تجد لنفسك مساحة خاصة للعيش!
خيال واسع
لا يمكنني إلا أن أنصحك بأن تنظر نظرة شاملة إلى العالم، وأن تتساءل باستمرار عما تحبه فيه، وما تودّ أن تغيّره فيه وكيف. يتوجّب على كل مواطن برأيي الشخصيّ أن يضع برنامجه السياسي الخاص. افعل ذلك في حياتك الخاصة على الأقل!
تعلّم أن تعرف نفسك بشكل أفضل، أن تكتشف أذواقك وميولك وأن تكون قادراً على التحدّث عما تحبّ بلذة وطلاقة. حدد قيّمك الشخصيّة ومبادئك في الحياة واحترم إرادتك الخاصة.
وبدلاً من أن يرى الناس الذين يصادفونك في الحياة نسخة أخرى عن ملايين البشر الآخرين، سيجدون فيك شخصاً غنياً بالمعرفة وواثقاً، شخصاً متماسكاً وواسع الخيال، كائناً قادراً على أن يضيف شيئاً مهماً وجديداً وجديراً بأن يُحفظ إلى حياتهم…
النُبل العالمي
نحن نعيش في عصر غريب، عصر من الفرديّة الشديدة الحمقاء الممزوجة بشكل غريب ومقلق مع معايرة وتوحيد مذهلين للجماهير (في أسلوب العيش، طريقة الاستهلاك، التطلّعات وحتى الاهتمامات اليوميّة…)
هذا هو الحلم الذي يراودني منذ وقت طويل والذي أجده في هذه الجملة الرائعة والملتزمة لرومان غاري: “أنا واحد من أولئك الديمقراطيين الذين يعتقدون أنّ هدف الديمقراطيّة هو تمكين كل انسان من الوصول إلى النُبل.”
ليكن كل رجل وكل امرأة كائناً فريداً، متفتحاً، متكاملاً بشكل دائم، بعيداً عن الامتثال للفكر الأوحد. لينظر كل فرد إلى العالم نظرة فرديّة وشخصيّة، ليتبادل الحديث بشكل ذكيّ، ليضع لنفسه مدوّنة قواعد سلوك خاصة به، قواعد منطقيّة ومتماسكة تحترم الآخرين، وجازمة وجريئة أيضاً!
يختصر أحد نجوم هوليوود الذين أكنّ لهم الاحترام، وهم نادرون، المسألة كالتالي:
“أحلم بيوم أسير فيه في الشارع وأسمع الناس يتحدثون عن الأخلاق، الاستدامة والفلسفة بدلاً من الحديث عن عائلة كاردشيان.” – كيانو ريفز.
التعليقات مغلقة.