تجربتي داخل ظلمات الروح ( وكيف خرجت منها إلى النور ! )-الجزء الثالث
الإدراك الروحي
ليل الروح الأسود هدفه أن يجعلنا نتواصل مع هويتنا الحقيقية. لسنا هذا الجسم، ولا هذا العقل. لسنا لا شخصيتنا ولا حتى أفكارنا. نحن كائن روحي، تجسيد للألوهية في عالم الشكل. علاوة على هذا، نحن في هذا العالم، بدون أن نكون في هذا العالم. ويجب أن نتعلم كيف نعيش على قاعدة هذه المعرفة. هنا يحدث الانفصام الكبير ولهذا نحن ننقسم داخلياً في البداية، عندما نكتشف هذا. “كيف نواصل العيش في هذا العالم، هذا المجتمع، هذه المنظومة، ونحن نعرف أن مرورنا في عالم الشكل ليس إلا مؤقتاً ؟” للإجابة على هذا السؤال، نحن بحاجة إلى الارتفاع والعودة إلى الروح. روحنا هي المسؤولة عن عبورنا على هذه الأرض. هي التي اعتقدت أن قدومها إلى هنا أمر جيد وهكذا تتابع رحلة تطورها وتكاملها وتوحدها. هي أيضاً التي وضعت خطة حياتنا، بما يعني التعهد الذي التزمنا به والذي يحتوي على الخطوط العريضة لتجسدنا الحالي. لكننا عندما وصلنا إلى هذا الكوكب الجميل، فقدنا ذاكرتنا ونسينا كل هذه الخطة الموضوعة مسبقاً. لقد سقطنا في فخ الوجود الأرضي، وتماهينا مع عالم الشكل، عالم الوهم. اخترنا أن نتبع الصوت الذي في رأسنا بدل أن نتبع قلبنا. وابتعدنا هكذا عن طريقنا. وهكذا وقع الحدث، “كما لو أنه بالصدفة”، الذي أغرقنا في أعمق أعماق القلق وجعلنا نستكشف العتمة من حولنا، لكي يستيقظ النور فينا فيما بعد. عندما يحلّ بنا هذا، يتساءل أغلبنا ما الذي فعلناه حتى يصبّ علينا الله هذا الألم وهذا العذاب.الجواب بسيط : ليس هناك نور من دون ظلام.
مع أن هذا قد لا يبدو واضحاً للوهلة الأولى، اعلموا أن هناك ارتباطاً خفياً بين هذين العنصرين. لا يتواجد أحدهما بدون الآخر، بما أننا نعيش في عالم نسبي. لا يمكننا أن نعرف النور ونختبره إلا إذا عشنا في غياب النور، في الظلام. عندما تغطسون في قلب الظلمة، ستجدون النور. روحكم تعرف هذا. عندما تجدون النور، الذي ليس إلا ما أنتم عليه حقاً، يمكنكم أن تواصلوا العيش في هذا العالم، عارفين أن كل ما له أهمية هو أن يشع نوركم الداخلي، شرارتكم الروحية، خلال الوقت المخصص لكم على هذه الأرض.موت ال “أنا” لولادة ال “هو”
عندما كنت في أصعب مرحلة من الليل الأسود الخاص بي، قال لي بعض الأشخاص الذين كوّنوا فكرة مبهمة عن الوضع السيء الذي عشته :”لقد مررت بهذا أنا ايضاً. في الواقع، كل الناس مروا بهذا…هذا ما نسميه نوبة الثلاثينات أو الأربعينات !” ولكن الألم الذي كنت أشعر به، كان حياً لدرجة أنني كنت أرغب في أن اصرخ بأعلى صوتي :”حقاً ؟ أتعرف في أي ظلمة أتخبط في هذه اللحظة ؟” كان يبدو مستحيلاً في نظري أن الآخرين عرفوا قبلي هكذا عذاب وخرجوا منه احياء ! بكل تأكيد، سمعت سابقاً عن هذه النوبات الشهيرة التي نمر بها في أعمار معينة لكن ما كنت أعيشه لا يمكن مقارنته بنوبة مراهقة ! لم اكن في حالة ثورة ضد أهلي، ضد الحكومةأو ضد تقدمي في العمر…
التعليقات مغلقة.