الأشخاص الحساسون جداً : بماذا يختلف دماغهم عن غيرهم (2)
أظهرت الأبحاث التي تم إجراؤها في جامعة Stony Brook أن الأشخاص الحساسون جداً يملكون دماغاً عاطفياً يمنحهم قدرة كبيرة على التعاطف. إنهم موجهون بشكل كامل وقوي نحو “التواصل الاجتماعي” والاتحاد مع الآخرين.
بمعنى آخر، لقد أثبت هؤلاء الباحثون أن طريقة عمل دماغ الأشخاص الحساسون تتم عبر الإثارة المفرطة في المناطق العصبية المتعلقة بالعواطف والتفاعل.
إنهم قادرون على قراءة وتخمين مشاعر الناس الذين يواجهونهم. لكن في الوقت نفسه، عليهم التعامل مع مشكلة بسيطة جداً…
الأشخاص الآخرين لا يبدون نفس التعاطف
وبالتالي فهناك عدم توازن واضح بين مدى حساسية الأشخاص المفرطي الحساسية، وأولئك الذين ليسوا كذلك.
“إنهم يرون أنفسهم كحالة مختلفة”.
للتوصل إلى كل هذه النتائج، قام الباحثون بسلسلة من الاختبارات ترتكز على الرنين المغناطيسي، أو على دراسة طريقة عمل أدمغة أشخاص تم تشخيصهم بأنهم مفرطي الحساسية، بالمقارنة مع أشخاص ليسوا كذلك.
وتم تعريض هؤلاء الأشخاص إلى محفزات متعددة، بغية مراقبة وفهم النشاط الكيميائي الحيوي الذي يتم في الهياكل المختلفة لدماغ الأشخاص الحساسون.
كانت النتائج مقنعة جداً، وبشكل خاص على مستويين:
الخلايا العصبية المرآتية (خلايا التعاطف مع الآخرين)
لا بد من أنكم سمعتم مسبقاً عن الخلايا العصبية المرآتية.
تؤدي هذه الخلايا وظيفة اجتماعية، وهي متواجدة بشكل خاص لدى البشر والحيوانات الأليفة.
تقع هذه الخلايا العصبية في القشرة الأمامية السفلية للدماغ وهي قريبة جداً من منطقة اللغة. كما ترتبط الخلايا العصبية المرآتية بشكل أدق بالتعاطف وبقدرتنا على معرفة مشاعر الآخرين والتعامل معها وتفسيرها وتحليلها.
ويذكر أن حركة نشاط هذه الخلايا مستمر ونشط وملحوظ جداً لدى الأشخاص المفرطي الحساسية.
الانسولا insula
الانسولا هي عبارة عن بنية دماغية صغيرة مستقرة في أعماق دماغنا. لا يزال دورها غير مفهوم لكنها ترتبط بوظائف الجهاز الحوفي (جزء من الدماغ المسؤول عن استجاباتنا السلوكية والعاطفية) وتؤثر بشكل خاص بحال الاشمئزاز، التعلق، أو حتى الوعي.
إنها تقع في القشرة المعزولة ومتصلة بالجهاز الحوفي، وهو يلعب دوراً أساسياً في عواطفنا ويمنحنا هذه الرؤية الأكثر ذاتية (عاطفية) وحميمية للواقع.
في الواقع، يطلق الباحثون في جامعة Stony Brook على إنسولا تسمية “مقر الوعي”، لأنها تجمع معظم أفكارنا ومشاعرنا ووجهات نظرنا الأخرى حول كل ما يمكن أن يعيشه الإنسان.
لذلك لن تتفاجأوا إن علمتم أن هذا “الجهاز” أكثر نشاطاً لدى الأشخاص المفرطي الحساسية من الأشخاص الذين ليسوا كذلك.تظهر هذه الدراسة أيضاً انه بالإضافة إلى أن الأشخاص الحساسين يستقبلون المنبهات البصرية المتعلقة بوجوه البشر وبالمشاعر، فهم يمتلكون أيضاً عتبة أكثر انخفاضاً من ناحية الاستجابة إلى المحفزات الجسدية، كالإضاءة القوية والأصوات القوية.
وهذا ما ينشط لديهم البنى الدماغية المتعلقة بالألم، وهو أمر مثير للفضول.
لدى الأشخاص المفرطي الحساسية طريقة في الشعور وفهم العالم أكثر حدة وأكثر دقة. ولكن هذا ليس ما لديهم، بل هو ما هم عليه.
عليهم أن يتعلموا طيلة حياتهم التعامل مع هذه المشاعر القوية كما مع هذه الميزة الرائعة. لأن المعاناة ليست جسر عبور ضروري إنما خياراً لا يستحق التمسك به.
اقرؤوا القسم الأول: لماذا دماغ الأشخاص الحساسين جداً يعمل بشكل خارق ؟ (1)
التعليقات مغلقة.