أنتم تدعون مخاوفكم تدير حياتكم من دون أن تعوا ذلك. كيف تتحررون منها نهائياً !
تعيش المخاوف في كلّ واحد منّا ومنها ما يكون واقعيًا مثل تلك التي نشعر بها أمام حادث وشيك ومنها ما يكون غير منطقي مثل الخوف من الرفض أو الخوف من التكلّم أمام عامة الناس. أكثريّة مخاوفنا تكوّنت في طفولتنا عندما كنّا إسفنجة تمتصّ كلّ ما نعيشه وكل ما يجري في محيطنا. أنتم تدعون مخاوفكم تدير حياتكم من دون أن تعوا ذلك. كيف تتحررون منها نهائياً !
في هذا العمر يكفي أن نتلقّى تعليقًا سخيفًا من أخينا الصغير لكي نرى أنفسنا قبيحين أو توبيخًا من المعلّمة أمام الصفّ لكي لا نعود نجد الجرأة على التعبير بصراحة.
لا تُبَرَّر مخاوفنا دائمًا بحدث بارز عندما تظهر في حياتنا. أحيانًا يمكن ليوم ما ضعِفنا فيه أن يخلق فينا فجوة بينما قد يترك استهزاء صديقنا المفضّل منّا آثارًا لا تزول في بناء ثقتنا في أنفسنا. وأحيانًا أخرى الإهانات المتكرّرة أو الحدث الذي يراه عدّة أشخاص هو الذي يحفر في قلبنا كأثلام في طريق من التراب الجاف.
في أكثر الأحيان نحمل هذه المخاوف معنا إلى عمر كبير من دون أن ندرك ذلك طالما تعلّمنا أن نتأقلم معها. ولا تنشط هذه المخاوف إلّا عندما نعيش وضعًا مشابهًا أو عندما نصبح مستعدّين لمواجهتها. بالطبع نحن نعرف عدّة مخاوف تسكن فينا ونودّ أن نتخلّص منها، ولكننا نعيش أيضًا مع مخاوف نجهل وجودها إلى أن نواجهها بوضوح. وغالبًا ما نُصدَم من المخاوف التي تحدّ من قدرتنا أيضًا.
وهكذا ربّما نتجنّب الصراعات التي تزعجنا بينما الخوف من الرفض قد يكون هو الأصل في تقلّب مزاجنا. لا شكّ أن خوفنا من ألا نكون محبوبين أو من أن نخسر وهم الأمان هو أصل حاجتنا الكبيرة إلى الكمال وأصل معاييرنا المرتفعة.
كافة هذه المخاوف التي تسكن فينا تأخذ جوانب مختلفة: إضافة إلى الكمال نكرّس ذاتنا لإلحاق الضرر بصحتنا بالإضافة إلى عدم الشعور بالأمان وعدم الثقة والانعزال وغلاظة الطبع والتشكيك والحسد والغيرة والحاجة إلى السلطة والحكم…
روّضوا مخاوفكم
إذا أدركنا المخاوف التي ما زلنا نحملها إلى حدّ الآن، يمكننا أن ننظر إليها على حقيقتها وأن نقرّر التخلّص منها. هناك تمرين جيّد للتخلّص من مخاوفنا وهي تحديد أوجه طبعنا وشخصيّتنا التي يمكنها أن تكون أحيانًا مصدر الصعوبات مع الآخرين أو أن تحدّ من احتمالات السعادة. ما الخوف الذي يختبئ خلف كلّ وجه من هذه الأوجه؟ ما هو السؤال الذي يختبئ خلف كل إجابة إلى أن تصلوا إلى أصغر قاسم مشترك؟
مثلًا إذا كنا نعيش الخوف من التكلّم أمام عامة الناس، ممَ نخاف؟
إذا كانت الإجابة هي الخوف من أن نكون مضحِكين، لماذا نخاف من أن نكون مضحِكين؟ إذا كان السبب كيلا يُحكَم علينا، لماذا نخاف من الأحكام؟ وإذا كان كيلا نصبح غير محبوبين، وهو السبب الجوهري لكافة المخاوف، إذًا كيف يمكننا أن نحبّ أنفسنا أكثر كيلا نعتمد على نظرة الآخرين؟ وأخيرًا يمكننا أيضًا أن نبحث عمّا جلب لنا هذا الخوف من حسنات لأن كل عيب وكلّ خوف وُجِد لمساعدتنا على تخطّي وضع ما.
مثلًا ربما سمح لنا الخوف من التكلّم أمام عامة الناس بألّا ننخرط كثيرًا في بعض المواقف. وربما سمح لنا بأن نختار كلماتنا بعناية عندما يتوجّب علينا التعبير عن رأينا. ربما حمى حاجتنا إلى الأمان من خلال البقاء خارج الأحداث التي تتطلّب الكلام. وربما جعلنا كتومين أكثر ومستمعين أكثر ومنتبهين أكثر إلى الآخرين… ربما جعلنا أفضل صديق… من يدري؟
لكلّ خوف حسناته
والآن بما أننا اشخاص راشدون هل يمكننا المحافظة على هذه الحسنة من دون الاحتفاظ بهذا الخوف؟ سنكتشف إذًا أن هذه الحسنات التي حصلنا عليها ليست بحاجة إلى الاحتفاظ بهذا الخوف الناشط في حياتنا. شيئًا فشيئًا نتمكّن من مواجهة مخاوفنا ورؤية ما جلبه لنا كلّ واحد من هذه المخاوف. وعندما نروّضها ونشعر بالامتنان لما جعلتنا نكتسبه يمكننا أن نُخرِجها من حياتنا.
ومن أجل المخاوف العنيدة جدًا التي لا نتمكّن من طردها هناك مساعدة لهذا الهدف
ترويض المخاوف يعني أن نتقبّل أن ندعها تذهب. يعني مواجهتها بدلًا من الهرب منها. يعني اجتيازها بدلًا من جعلها تجتازنا وتتحكّم بحياتنا من دون أن ندرك ذلك. لأن العيش في الخوف ليس عيشًا بل نجاة. ويحقّ لنا جميعًا أن نعيش من دون خوف في هدوء وحب، في ثقة بالنفس واحترام الآخرين.
قدمنا لكم من موقع حياتنا طريقة التخلص من مخاوفكم.
التعليقات مغلقة.