كيف نضع حدوداً عاطفية لتعاطفنا مع الآخرين ولماذا؟
هل تبالغ في العطاء إلى حد الشعور بالاستغلال؟ المبالغة في العطاء في العمل، في العلاقات الاجتماعية، في الصداقة، في الحب، في التعامل مع الآخرين أياً كان دورهم في حياتنا، سيؤدي بنا حتماً إلى الشعور بالاستغلال. لا يمكننا القيام بكل شيء لكل الناس وإنكار احتياجاتنا لأجل الآخر بشكلٍ دائم. ستنفذ طاقتنا ذات يوم ونجد أنفسنا عاجزين عن إنجاز كل شيء، وحينها سيتهمنا الطرف الآخر بالتقصير. لذا لا بد أن نضع حدوداً عاطفية لتعاطفنا مع الآخرين.
إذا لم نرسم حدوداً شخصية واضحة بشأن ما سنمنحه وما لن نمنحه عاطفياً في العلاقة، فسينتهي بنا الأمر إلى الإفراط في العطاء. وهذا الإفراط في العطاء سيتركنا مستنزفين وعاجزين عن أن نعطي عاطفياً لأنفسنا وللآخرين.
إنّ إدراك الحدود العاطفية درس قيّم وهام للأشخاص الذين يتمتعون بقدرة على التعاطف مع الآخرين وعلى فهم مشاعرهم. عندما نبالغ في العطاء يتملكنا الاستياء والغيظ إذا لم نلقَ تقديراً بالمقابل وقد نصل إلى حدّ كره الشخص الآخر. الإفراط في العطاء يدمّر ببطء أهم العلاقات. عندما تشعرين أنك تبالغين عليك أن تحدّدي ما أنت مستعدة لتقديمه وما لست مستعدة لتقديمه، وأن تعيدي رسم حدودك العاطفية في العلاقة.
من السهل على الأشخاص المتعاطفين الذين يشعرون بأحاسيس الآخرين أن تكون حدودهم العاطفية مفتوحة أكثر بحيث ينفذ منها الآخر. فالانفتاح على مشاعر وأحاسيس الآخرين جزء من الهبة التي يتمتعون بها. إلا أنّ الناحية السلبية من الحدود العاطفية المفتوحة هي أننا نصبح ممسحة للآخرين يدوسونها إذا لم نضع بشكل واعٍ حدوداً واضحة.
يمكنك غالباً أن تبدأ العلاقة بحدود واضحة إلا أن خط الحدود هذا قد ينحرف مع تغيّر ظروف الحياة. وستشعر فجأة بأنك تتعرّض للاستغلال. وفي معظم الأحيان، لا يحصل هذا بشكل متعمد بل بسبب تغيّر ظروف الحياة.
لن تدرك أنك تبالغ في العطاء إلا عندما تشعر بأنك عصبي أكثر من المعتاد وأنك مستاء ومغتاظ. وإذا استمريت في العطاء من دون حدود فقد تقع فريسة المرض. إذا لاحظت هذه الأعراض، فربما عليك أن تراجع الحدود العاطفية في علاقاتك. هل يعطي كل واحد منكما ويأخذ بقدر الآخر، أم أنك تشعر بأنك تتعرّض للاستغلال والاستنزاف؟
وضع الحدود العاطفية
عليك أن تضع حدوداً عاطفية واضحة وأن تحترمها وأن تبقى صادقاً مع نفسك. عندما تصبح حدودك واضحة، ستتمكن من التخلّص من كل ما يتجاوز ما ترغب في تقديمه. وستعلم أنك نجحت في رسم حدودك عندما يتملكك الشعور بالراحة لتخلّصك من كل ما لا ترغب في تحمّله.
ولا تستخف أبداً بتأثير هذا على الشخص الآخر أيضاً. إن كنت تفرط في العطاء، فأنت لا تتيح للشخص الآخر فرصة بناء دعمه العاطفي الخاص. أنت تجعل من الشخص الآخر شخصاً ضعيفاً. سيكون مدهشاً أن ترى كيف يساعد التوازن العاطفي الجديد كلا الطرفين عندما يعود التوازن بينهما من جديد. إن لم تحترم ما أنت عليه فعلياً عبر احترام حدودك العاطفية فلن يفعل الشخص الآخر على الأرجح. إن كنت مستعداً لأن تستمر في إعطائه فسيستمر في الأخذ سواء أفعل هذا عن وعي أو عن غير وعي. كما أنك لن تحترم الشخص الآخر إن كنت تفرط في العطاء في علاقتك مع وستشعر في مرحلة ما بالاستياء منه كما أنك قد تكرهه في نهاية الأمر.
تمنعك المبالغة في العطاء من أن تُظهر أفضل ما فيك كما أنها تُضعف علاقاتك. إذا ما أدركت هذه الحدود العاطفية، فستبقى علاقاتك سليمة وصحيحة وستبقى أنت على حقيقتك. وعندما تبقى على حقيقتك، تبقى متناغماً مع هدفك الأسمى… أوليس هذا سبب وجودك على هذه الأرض؟
لمتابعة المزيد من المقالات المشابهة يمكنكم زيارة موقع حياتنا
أو صفحة الفيسبوك: أفكار تغير حياتك