دراسة علمية : سؤال متكرر يُطرح على الأشخاص بعد الموت ! (2)

“عندما توفي، شعرت بروح حيّة وفرحة تخرج من جسده”

كرّس الدكتور جان جاك شاربونييه قسماً كبيراً من نشاطه لمحاولة فهم ما يجري عندما يموت الجسد (بعد الموت). وقد جاء هذا البحث نتيجة مواجهة مباشرة مع الموت. ويروي الطبيب: “كنت أنهي دراستي في الطب وأجري تدريباً مع خدمة الطوارئ الطبيّة قبل أن أباشر العمل كطبيب صحة عامة. انتقلنا إلى موقع حادث سير أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا. واضطررت للدخول إلى سيارة علق فيها شاب صغير في السن. كان عليّ أن أعلق له بسرعة محلولاً وريدياً لئلا يتوقّف قلبه، لكن عدم خبرتي وصعوبة الوضع لم يسمحا لي لسوء الحظ بأن أبقيه على قيد الحياة.

في اللحظة التي فارق فيها الحياة، أحسست بروح حيّة وفرحة تخرج من جسده. كانت جبارة وقوية إلى حد يصعب وصفه. وقررت على أثر هذه التجربة أن أصبح طبيب تخدير، ما يعني أن أعود إلى الدراسة لثلاث سنوات وأن أتخلى عن مشروع فتح العيادة الذي كنت قد وضعته لنفسي. إنه تغيير جذري لكني احتجت لأن أدرس الغيبوبة وأن أحاول أن أفهم إذ بتّ متأكداً ومقتنعاً بأننا لسنا مجرد جسد كما ما انفكوا يكررون على مسامعنا في كليّة الطب إنما روح في جسد. وعندما ينطفئ الجسد، فإن ما أسميه الوعي الحدسي لا يموت.”

إنّ بقاء الوعي واستمراره فيما الشخص في حالة وفاة سريرية أو “وفاة مؤقتة” على حدّ تعبير جان جاك شاربونييه، هي النظرية التي يستند إليها العديد من الباحثين في الوقت الحالي. ويؤكّد ستيفان اليكس أنّ “حوالى 20% من المرضى الذين اعتبرهم الطب في حالة موت سريري والذين استفاقوا في وقت لاحق قادرون على أن يرووا ما كان يجري من حولهم، حتى على بعد كيلومترات أحياناً. وتتقاطع شهاداتهم في معظم الأحيان. ويحصل هذا كله فيما الدماغ متعطّل ولا يعمل.” ويضيف، مكرراً ما قاله جان جاك شاربونييه: “ما من دليل ملموس على أنّ ما من شيء بعد الموت، في حين انّ مجموعة من المعلومات تدفعنا إلى اعتقاد العكس.”

اعتقاد يؤثر في طريقة مواجهتنا للحياة

تكثر القصص المماثلة لهذه، والايمان بها أو الاعتقاد بصحتها يعود إلى إرادة الشخص الحرة. لكن الشهود كلهم، ومن ضمنهم ستيفان اليكس وجان جاك شاربونييه، يتفقون على نقطة واحدة: إن قبول هذه الإشارات، والانفتاح على فكرة الحياة بعد الموت واستقلالية الروح إزاء الجسد المادي يؤثران في طريقة مواجهة الحياة.

يشير جان جاك شاربونييه إلى أنّ “غالبية الأشخاص الذين يدلون بشهادتهم بعد تجربة الاقتراب من الموت، يتحدثون عن شعور عطوف ولطيف عند الحكم على الذات. ويتكرر هذا السؤال: “ما الذي فعلته للآخرين خلال حياتك؟” ولهذا السبب وضعت كتابي شرح الموت للأطفال. فالأطفال يطرحون أسئلة لا نجد لها غالباً أجوبة ومن الممكن أن نقدّم لهم رؤية للموت غير مخيفة. يجب أن نعلّمهم أنّ ما يهم أكثر بعد انتهاء حياتنا على الأرض، ليس الراتب الذي حصلنا عليه أو نيلنا المراتب الأولى في هذا المجال أو ذاك، بل الطريقة التي أحببنا بها، والعطف واللطف اللذان كنا قادرين على إظهارهما.”

ويقول ستيفان اليكس: “منذ أن بدأت أبحاثي ومع تقدّمي في العمل والاكتشافات، تغيّر أسلوب حياتي إلى حدّ كبير. الأمر أشبه ببرهان باسكال (حجة مبنيّة على الاحتمالات النسبية وتُستخدم للاحتجاج بضرورة الايمان بوجود الله على الرغم من عدم امكانية اثبات وجوده أو عدمه عقلياً). أنا لا أملك اليقين لكني وفي ظل الشك أحاول أن أعيش كما أحب أن أكون، وألا أترك إلى الغد ما يمكنني فعله اليوم، وأن أكون واضحاً مع نفسي وفي علاقتي مع زوجتي ومع أولادي. كل هذا فيما يرافقني الشعور اللطيف بأنني لست وحيداً.”

تابعوا الجزء الأول: كيف يثبت العلم أن هناك حياة بعد الموت ؟

تابعوا الجزء الثالث من المقالة: عندما نؤمن بالحياة بعد الموت ، تصبح الحياة أسهل

التعليقات مغلقة.