أنا شخص ناجح في عملي ولكنني فاشل في التواصل مع الناس (1)
أنا شخص ناجح في عملي ولكنني فاشل في التواصل مع الناس (1)
لماذا لا أستطيع التحدث مع الناس بسهولة؟ لماذا أجد صعوبة في الحوار مع الناس؟
برونو الوحيد
– حياة شبه مثاليّة
يبلغ برونو من العمر 32 سنة. من ينظر إلى حياته من الخارج، يظن أنها مثاليّة. لكنه يشعر من الداخل وكأنه قوقعة فارغة.
يعمل برونو المبرمج البارع في شركة كبرى وهو يشكّل جزءً ممن يُطلق عليهم تسمية “المدراء الشباب الديناميكيين”. إنه رجل في مقتبل العمر، لطيف جداً وسريع البديهة، ويحب عمله أكثر من أيّ شيء آخر.
لكن، منذ أسبوعين، طلب برونو من طبيبه المعالج إجازة مرضيّة. لم يكن مريضاً أو مصاباً لكنه لا يريد العودة إلى المكتب بكل بساطة.
سألته: “كيف الحال؟”
– في الواقع يا لوني، لم أخبر أحداً من زملائي بهذا يوماً! انا أدير فريقاً صغيراً يتألف من 7 محللين (من بينهم 3 نساء). الأمور تسير على ما يرام على الصعيد المهني، لكن علاقاتي… إنه كابوس!
– ما هي المشكلة بالتحديد؟
– تسير الأمور كلها على ما يرام في الصباح. أتحقق من بروتوكولات الأمان، أوكل إلى أحدهم مهمة التحقق مما إذا حلّت محاولاتنا الشيفرات أثناء الليل، وأطلب منهم تقارير سريّة إذا ما قضت الحاجة وأوزّع المهام بشكل آلي. تظهر مشكلتي أكثر عند الاستراحة أو عندما ننزل إلى المطعم عند الظهر. أنا المسؤول عنهم وعن المشروع لكنني لن أتحدّث إليهم بالأرقام وعن الأرقام طيلة حياتي! هم لديهم أصدقاء، وحياة اجتماعيّة! لدى الرجال دوماً أخبار مثيرة للاهتمام يروونها وأنا لا أعرف حتى كيف أتفاعل! أشعر أني غبي، أصاب بالذعر ولا أعرف كيف أتصرّف. أخشى أن يجدونني مملاً. أما مع النساء فحدّث ولا حرج…
– النفور من التحدّث والكلام
الكلام بالنسبة إلى برونو محنة ومعاناة. وحالته هذه ليست نادرة. كلما استدارت الرؤوس نحوه يشعر بأنّ عقله مشوّش. ماذا عليه أن يحكي؟ ماذا يقول أو لا يقول؟ كيف يقوله؟ وماذا لو وجدوني مزعجاً؟ وماذا لو أطلقوا الأحكام عليّ؟ تشغل هذه الأفكار كلها انتباهه! بحيث يعجز حتى عن التركيز على ما يودّ فعلاً أن يشاركهم إياه.
يتلعثم في كل جملة ولا يجد كلماته ويشكّ في ما يؤكّده. ويصبح خطابه المفكك وغير المتماسك غير مفهوم. ولعل الأسوأ هو أنه عندما لا يجد ما يقوله، يخترع قصصاً لا يمكن تصديقها أبداً! هو يعلم أنهم لا يصدقونه لكنه لا يستطيع أن يمنع نفسه. يستمع إليه فريقه بتهذيب لأنه المسؤول الأول عنهم لكنه يرى أنهم يوشكون على الانفجار بصمت!
يشعر برونو اليوم بالاشمئزاز ويتجنّب بيئة العمل. وبدلاً من أن يتابع حياته، يفضّل أن يبقى في منزله ليشاهد التلفزيون ويتابع المسلسلات حيث الحوارات المتلاحقة والكلمات الراقصة والضحكات المتطايرة كما لو أنها رقصة باليه…
التعليقات مغلقة.