هل نحن فعلاً نفسٌ واحدة ؟ علم الفيزياء يجيب الإجابة القاطعة

0

بما أننا نتألف بشكل كامل من ذرات، بالتالي من الكترونات ونترونات وفوتونات… فهل هذا يعني أننا قادرون نحن أيضاً على أن نجتاز الجدران؟ يجيب علماء الفيزياء بالنفي على هذا السؤال لأن ما يجري داخل الذرّة ليس من المرجّح أن يعمل على مستوى الأشياء او الكائنات الكاملة…. أما عن سؤال هل نحن فعلاً نفسٌ واحدة ؟ فإليكم جواب علم الفيزياء.

لكن ثمة أمور مذهلة أكثر (إذا أمكن ذلك).

اينشتاين و”الأفعال الشبحية عن بُعد”

إنها مذهلة إلى حدّ أن البرت انشتاين نفسه رفض أن يصدقها.
نعم، أنا أتحدث فعلاً عن انشتاين نفسه الذي اكتشف ظواهر مذهلة للغاية مثل الثقوب السوداء أو الجاذبية.
إنه انشتاين نفسه الذي برهن أنّ الوقت نسبيّ، ما يُعتبر جنونياً كفاية.

هل تدركون: إذا كنا قادرين على أن نسافر بسرعة الضوء كما في أفلام الخيال العلمي، فيمكن لشخصين توأم أن يكونا بعمرين مختلفين في اللحظة نفسها: أحدهما في الثلاثين والآخر في التسعين من العمر!
هذا يعني أن “الوقت” ليس نفسه بالنسبة إلى الجميع.
بالتالي، ما سيحصل لنا في المستقبل قد حصل لربما من قبل للآخرين! ما يعني أن المستقبل “حقيقي” و”موجود” بقدر ما هو الماضي!

لا معنى لهذا بالنسبة إلى عقلنا “المنطقي”. لا يمكننا أن نتخيّل ذلك… لكن انشتاين أثبت ذلك ولم “يرَ المشكلة”.
إلا أنه لم يشأ أن يخوض في ” الانتقال الآني الكمّي” الذي تحدثت عنه في المقالة السابقة.

لكننا نعلم اليوم أنه أمر ممكن تماماً. وهو يعمل بطريقة بسيطة جداً:
يأخذ الفيزيائي الكترونين (أو فوتون عدد 2) ويجعلهما يتفاعلان مع بعضهما البعض. تخيّلوا قصة حب عابرة بين الكترونين.
بعدئذ، يقوم الفيزيائي بفصلهما عن بعضهما البعض بشكل مفاجئ. وهنا، يحدث ما لم نكن نتخيّله.
إذا عدّلتم من الآن وصاعداً حالة أحد الالكترونين، فسيتغيّر حال الآخر على الفور، وكأنهما مترابطان!

وحتى لو أُرسل الالكترون الآخر إلى أقصى الأرض، يبقى انتقال المعلومات فورياً… كما لو أن الالكترونين لا يشكلان سوى واحد! وصف انشتاين هذه الظاهرة “بالفعل الشبحي عن بعد”.

ولم يشأ أن يصدّقه، لأنه ينتهك قانوناً أساسياً اكتشفه هو نفسه: القانون القائل بأنّ ما من شيء في هذا العالم يمكن أن ينتقل بسرعة تفوق سرعة الضوء!
إلا انّ التشابك الكميّ يثبت أنّ جزيئيتين يمكن أن تتواصلا على الفور، وعلى مدى ملايين الكيلومترات.

إذن، كيف يمكن ذلك؟

ثمة تفسير واحد فقط بالنسبة إلى علماء الفيزياء… وهو مدهش فعلاً.
في الواقع، لم يُنتهك قانون انشتاين: فالمعلومة لا تنتقل بسرعة تفوق سرعة الضوء.
إذا استطاعت الجزيئتان التواصل فهذا حصل لأنهما لم تنفصلا: إنهما واحد والشيء نفسه!
وهذا يعني بحسب علماء الفيزياء أنّ عدم وجود الفضاء أمر محتمل!

وهذا ما يطلق عليه الفيزيائيون تسمية مبدأ “اللامحليّة أو غير المحلية”: لدينا الانطباع بأن الجزيئيتين واقعتان في الفضاء، لكن هذا وهم لأنهما جزيئة واحدة، وهما الجزيئة نفسها.
وبما أنّ كافة الجزيئات كانت مترابطة قبل الانفجار الكبير، فهذا يعني لربما أنّ كافة جزيئات الكون مترابطة في ما بينها!
هذا يعني أن الكون واحد.

وكما أن الوقت نسبيّ بالنسبة إلى من يعيشه، يصبح المحيط مسألة “شخصيّة”. إنه طريقتنا في مقاربة العالم لكن هذا ليس واقعاً.

خلف الفيزياء الكميّة، حكمة القدماء

إذا ما شعرتم بالدوار بعد كل هذا، فلا تجزعوا.
يبدو هذا الكلام جنونياً… لكن عند التفكير فيه، نجده يتماشى مع ما لطالما نادت به التقاليد الروحية.
نحن كلنا مرتبطون ببعضنا البعض، والكون هو واحد.
في الواقع، هذا ما يجعل العلماء يجدون صعوبة في “ابتلاع” الفيزياء الكميّة فهي تمنح شرعية جديدة لتيارات فكريّة رفضت تماماً من قبل اجيال من العلماء العنيدين وأصحاب الأفق الضيق!

استمعوا إلى هذا التصريح المدهش الذي أدلى به اثنان من كبار علماء الفيزياء المعاصرين، هيلي وبوم: “في بداية تطوّر العلم، حصل صراع طويل للتحرر مما كان يعتبر خرافات بدائية ومفاهيم سحريّة، حيث اللامحلية كانت مفهوماً أساسياً. لعل هناك خوف متجذّر بعمق بحيث أنّ مجرد إعادة النظر في فكرة اللامحلية يمكن أن يعيد فتح الصمامات التي تحمينا مما يُعتبر أفكاراً غير منطقية وغير عقلانية تختبئ تحت سطح الثقافة الحديثة. لكن حتى لو صح هذا إلا أنه لا يُعتبر حجّة وجيهة وصحيحة ضد “اللامحلية”.
هل ترون سخرية القدر: رفض العلماء بازدراء تقاليد فلسفية وثقافية ودينية عريقة… إنما يبدو أنّ العلم نفسه يثبت اليوم أنها كانت على حق!
هذا لا يثبت (بعد؟) صحة التخاطر، أو الشفاء عن بعد أو “الخروج من الجسد”، لكنه يظهر أننا لا نستطيع أن نتجاهل ونستبعد هذه الظواهر قائلين أنها “منافية للعلم”.
فالعلم يثبت أنّ الحقيقة تتجاوز خيالنا. وهذا يعني أنّ ما من شيء مستحيل.
يجب أن نكون منفتحين على كافة الظواهر حتى وإن بدت لنا “غريبة”.
لا تتخلوا عن الفكر الناقد وابقوا حذرين وعقلانيين بالطبع. لكن الانفتاح على حقيقة تتجاوزنا هو في الواقع الطريق إلى الحكمة… وحتى إلى الشفاء أحياناً!

يمكنكم متابعة الجزء الأول من المقال بعنوان: هل سنستطيع يوماً أن نمر عبر الجدران ؟ علم الفيزياء يعطينا إجابة غير متوقعة !

لمتابعة المزيد من المقالات المشابهة يمكنكم زيارة موقع حياتنا
كما بإمكانكم متابعة صفحة الفيسبوك: أفكار تغير حياتك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.