طبيب التخدير الذي آمن بعد أن رأى لمحة عن الجحيم
طبيب التخدير الذي آمن بعد أن رأى لمحة عن الجحيم
كان لدى الدكتور راجيف بارتي الكثير من المرضى الذين أكّدوا أنهم رأوا أشياء غريبة أثناء خضوعهم لعمليات جراحيّة، لكنه لطالما اعتقد أنّ هذا الكلام لا معنى له، حتى اليوم الذي تم فيه تشخيص إصابته بسرطان البروستات واضطر هو نفسه للخضوع لعمليّة جراحيّة.
وفجأة، أدركت حصول تغيير في زاوية الرؤية لديّ مع اتساع مجال الرؤية أمامي. كنت لا أزال في غرفة العمليات لكني استطعت أن أرى في الوقت نفسه أمي وأختي جالستين على كنبة في منزل العائلة، على بُعد آلاف الكيلومترات في نيودلهي، حيث ترعرعت.
كان المشهد حيّاً ومفصّلاً. ارتدت أختي سروالاً من الجينز الأزرق وقميصاً أحمر فيما ارتدت أمي ساري أخضر وبلوزة خضراء. سألت أختي “ماذا علينا أن نعدّ للعشاء؟” فردّت أمي “الطقس بارد في الخارج. علينا أن نعدّ الحساء الساخن. العدس فكرة جيّدة.”
بلغ فيّ التركيز عليهما حداً جعل الضجة المفاجئة للأدوات في غرفة العمليات تأخذني على حين غرّة. أدرت رأسي نحو اليسار، واكتشفت أني ما زلت قادراً على أن أرى وأسمع المشهد تحتي.
أعلن الطبيب الجراح لإحدى الممرضات “هذا الرجل في حال سيئة. من حسن حظه أنه وصل إلى هنا. أعطني المزيد من المسحات”.
شعرت بالذعر. ما الذي يجري؟ هل سيعود وعيي ذات يوم إلى جسدي أم أنّ مصيري يحتّم عليّ أن أهيم كروح إلى الأبد؟ لقد طرت نحو السقف فيما الأطباء يجرون لي عملية جراحيّة.
هل مت؟ شعرت وكأني رائد فضاء خلع بزّته ليكشف أنّ لا فائدة منها. ومع ازدياد ذعري، رحت أراقب المشهدين، حتى بدآ يغيبان بسرعة كمغيب الشمس.
استحال كل شيء أسود. شعرت بالارتياح لأنني ظننت أني عدت إلى جسدي.
ومن ثم غمرني شعور بالخوف الشديد. سمعت إلى يميني صرخات ألم وهلع. جُذبت كما لو أنني على ممشى متحرك إلى حافة وادٍ تستعر فيه النيران. ملأ الدخان منخاريّ وقد ترافقت معه رائحة تثير الاشمئزاز لأجساد تحترق. أدركت عندئذ أني على بُعد خطوتين من الجحيم.
حاولت أن أبتعد عن هذا المكان لكن كلما خطوت خطوة إلى الخلف، دفعتني قوة غير مرئيّة نحو الأمام. سمعت صوتاً يتحدّث إليّ بالتخاطر “لقد عشت حياة ماديّة وأنانيّة”.
كنت أعلم أنّ هذا الكلام صحيح وشعرت بالخجل والخزي. فمع مرور السنين، فقدت تعاطفي مع مرضاي.
وفيما أنا أقف عند حافة الجحيم، تذكّرت امرأة جاءت إلى العيادة لعلاج التهاب المفاصل المزمن لديها. كانت تعاني من ألم مبرح لكن لم يكن الألم هو السبب الذي جعلها تبكي. قالت لي “عليّ أن أتحدث إليك أيها الطبيب. إنّ زوجي ينازع من جراء إصابته بسرطان الرئة ولا أعلم ماذا عليّ أن أفعل.”
أجبتها وأنا أكتب لها وصفة للمسكّنات والأدويّة المنوّمة “أودّ أن أتحدّث إليك لكن ثمة العديد من المرضى في انتظاري.” كنت كالرجل الآلي، تعلّمت أنا نفسي أن أخفي مشاعري. ولعل الأسوأ أني عوّدت نفسي على ألا أفكّر إلا بنفسي.
تابعوا الجزء الرابع من المقالة.
تابعوا الجزء السابق من المقال: الحياة بعد الموت: ما كان طبيب التخدير ليؤمّن حتى رأى لمحة عن الجحيم (2)
التعليقات مغلقة.