تصرف يدمرنا من الداخل ولكننا نكرره يومياً

إطلاق الأحكام.. تصرف يدمرنا من الداخل ولكننا نكرره يومياً

تتنوّع الأحكام التي نطلقها، وثمة ثلاثة أنواع رئيسيّة:

الأحكام التي تتعلّق بالوقائع:

تعترف بموضوعية بأنها تمطر أو بأن البقرة أكبر من القطة. المسألة تتعلّق بما هو صحيح أو خاطئ، وهي أمور غير قابلة للنقاش.

الأحكام التي تعلّق بالذوق:

وهي ببساطة ما تحبونه أو تكرهونه. لا يوجد شيء للدفاع عنه أو مناقشته. إما أن تحبوا الشيء أو ألا تحبوه، هذا هو الحال وحسب، وهو غير قابل للنقاش. أحب الكراث. لماذا؟ لا يهم.

الأحكام التي تتعلّق بالقيمة أو الأحكام التفضيليّة:

إنها مسألة شخصية بحتة (يشبه حكم الذوق من حيث التعريف) لكنه يشير إلى حقيقة ما إذا تعلّق الأمر بشيء جيد أو سيء. لكنّ الأحكام هنا قابلة للنقاش. إذا قلنا مثلاً إنّ الإجهاض أمر بغيض ويقتل أرواحاً بريئة، فهذا الكلام حقيقة واقعة بالنسبة إلى البعض، أما أنا فلديّ وجهة نظر خاصة بي. والاعتقاد بأن ما نعتبره نحن واضحاً وجليّاً هو أمر واضح بالنسبة إلى الآخرين يؤدي أيضًا إلى حكم القيمة.

إنها أفضل مني أو أنا أفضل منه، قد يكون هذا الأمر غير قابل للنقاش، أو ربما بلى.

ارتدى روبرت ربطة عنق مضحكة، أبدو في حال سيئة اليوم، اشرحوا لي لما يبقي هذا الشخص على حاجبيه متصلين، هذا أمر مؤلم، لا فائدة منها فهي لا تنتبه لأيّ شيء، أنا لست أنفع في شيء، وهذا الطفل مدلل جدًا.

نحن نطلق الأحكام على الجميع بما في ذلك أنفسنا طوال الوقت، بغض النظر عن نوع الحكم. هل نحتاج حقًا إلى إبداء الرأي في كل الأمور، وأن ننظر في كل شيء ونطلق الأحكام؟ لماذا نفعل ذلك؟ من نحن لنفعل ذلك؟ لا يحق لأحد أن يفعل ذلك.

تذكروا قاعدة سلوك تولتيك الثانية:

“لا تأخذوا الأمور على محمل شخصي”. وهذا يعني أنه عندما يتم الحكم عليكم فالمسألة لا تتعلق بكم بل بالشخص الذي يحكم عليكم. ويصحّ هذا منطقياً بالاتجاه المعاكس: عندما تحكمون على الآخرين، فأنتم من لديكم مشكلة وليس الآخر.

لاحظوا كيف أن وسائل الإعلام أو الكوميديين يركّزون على هذه المسألة: فهم يسخرون من شخص ما ويحكمون عليه. نشعر أحياناً بالارتياح عندما نقلل من شأن الآخرين بدلًا من نلتفت إلى نقاط ضعفنا. شكّلت مع بعض الأصدقاء مجموعة على فايسبوك. كان الأمر مسلياً إلى أن شعرت يوماً أن الأمر لم يعد كذلك وغادرت المجموعة. من خلال إطلاق الأحكام، نحن نسيء إلى شخص سيشعر بالإهانة أو الأذى أو بالغضب لسماع ما يقال، كما هو حالنا.

الكل يفعل هذا طوال الوقت، وبالتالي يعتبره الكلّ أمرًا طبيعيًا. إنّ اتخاذ القرار بالتوقف عن الحكم على الآخرين ما هو سوى تبنّي لقاعدة سلوك تولتك أخرى: ألا يشوب كلامكم شائبة. لا يمكنكم تطبيق هذا الأمر مع اصدقائكم؟ هل نشجع هذا النوع من الأحاديث… أم نغير أصدقاءنا؟ لقد بدأت باعتماد طريقة تولتك التي تقضي بتدوين الأحكام التي نطلقها على الأشخاص المحيطين بنا وعلى أنفسنا، مما يساعدنا على تخفيف التوتر. بدأت بتدوين الأحكام على دفتر اسميته دفتر الرعب. إنها عملية إعادة تأهيل لإدراك عدد الأحكام التي نطلقها عبر جمعها في مكان واحد بحيث لا تكون مبعثرة ومنسية في حياتنا اليومية. عندما أدركت ذلك تساءلت منذ متى وأنا بهذا الغباء. إنه جلد الذات: ما زال الطريق طويلاً!

العلاجات:

المودة: ركّزوا على الخير وتمنوه لجميع الناس ولأنفسكم. راقبوا أنفسكم، انتبهوا حين لا يدعو ما تقولونه أو تعتقدونه إلى الخير. والتصرّف بلطف لا يعني أننا أغبياء، فالمسألة تتعلق بالنوايا وحسب. انشروا الخير.

اعادة تقييم الأمور: راقبوا أفكاركم بموضوعية قدر الإمكان، وتخلّصوا من تلك التي لا تفيدكم أثناء إعادة التأهيل الذاتي: ما الذي يعنيه هذا لكم؟ هل يعنيكم سواء أكان لستيفاني علاقات متعددة، أم كان وزن ريم 100كيلوغرام؟ أما بالنسبة للأحكام التي تعنيكم مباشرة، فضعوا أنفسكم مكان كلبكم: هل يجدكم قبيحين مع هالاتكم السوداء؟ لا أعتقد ذلك

التعليقات مغلقة.