كيف أضعت عمري في لعب دور الضحية والاكتشاف الذي غيّر حياتي !

0

هناك قوة هائلة تختبئ في أعماق كلٍ منا، لكننا لا نعرف دائماً كيف نوقظها. تنبع هذه القوة من المسؤوليات التي نحملها على عاتقنا في حياتنا لتحقيق ذاتنا والتعبير عن إمكانياتنا. سأحدثكم قليلاً في هذا المقال عن تجربتي الخاصة ك”ضحية خيالية” وكيف تمكن التمكين الذاتي وتحمل المسؤولية من تغيير حياتي. سأكشف لكم اليوم كيف أضعت عمري في لعب دور الضحية والاكتشاف الذي غيّر حياتي !

البداية…

بدأت المشاكل عندما ولدت…
أنا أمزح، لكنها طريقة لوصف الوضعية التي نتخذها حين نظن أننا ضحية كل شيء.
أنا أعتبر نفسي محظوظاً للغاية. فقد ولدتُ في أسرة جيدة، وفي بلدٍ غني، ليس لدي مشاكل خلقية كبيرة، لا أعاني من مشاكل صحية، لستُ غبياً. باختصار، كان بإمكاني بأسوأ حال أن أكون الفائز في يانصيب الوجود.
على الرغم من ذلك، لا أخفي عليكم أنني أجد الحياة قاسية، صعبة، ومتعبة فيما يجدها الآخرون لطيفة وممتعة.
لذلك أقدر الكثير من الناس الذين أرافقهم والذين فعلوا الكثير حقاً.
أجد الحياة أصعب من معظم الناس، ربما بسبب لعبة الاختباء بين السيروتونين والدوبامين في عقلي، ربما بسبب بعض الصعوبات التي مررتُ بها في شبابي أو بسبب الأفكار السلبية التي تراودني مراراً وتكراراً، أو لأسباب اخرى. لا أعرف.. وهذا ليس أمراً مهماً.

Pixabay License

عندما كنتُ أصغر سناً، على الرغم من أنني كنتُ ناجحاً في دراستي.. وربما لأنني كنتُ ناجحاً في دراستي (وغير ناجح في الرياضة نهائياً)، كان ذلك يجعل الآخرين ينظرون إليّ بازدراء.
وبشكل تدريجي بدأتُ أكوّن صورة سلبية جداً عن نفسي.

إلى درجة أنني في السنوات السابقة، كوّنتُ نظرةً مَرَيضةً عن الحياة إلى حدٍ ما. على سبيل المثال:
  • أنا شخص سيء الحظ؛
  • لن أتمكن من القيام بأي شيء في حياتي لأكون سعيداً؛
  • لا يمكن لأي امرأة أن تهتم بي حقاً وتحبني؛
  • إذا تمكنتُ من إيجاد مكان عمل لا يجعلني أشعر بالغثيان وأستطيع فيه تقاضي أجر مقبول، سأكون محظوظاً؛
  • إلى آخره..

أترون الصورة..
لقد وهبتُ نفسي ترسانة كبيرة من الأفكار والمعتقدات المدمرة التي رافقتني كل يوم، أدت إلى تحديد هويتي، ومنعتني بشكل منهجي من تحقيق ذاتي.

ملاحظة لأولئك الذين جعلوني أعاني في شبابي
لقد أصبح الانترنت متاحاً للجميع، فإذا كنتم من الأشخاص الذين قاموا بتحقيري وازدرائي وإحراجي في المدرسة خلال مرحلة شبابي، اعلموا أنني أسامحكم تماماً على الألم الذي سببتموه لي.
ففي بادئ الأمر، أنتم لم تكونوا مدركين لما فعلتموه، بما أنكم كنتم صغاراً…
ثم أنه علي حتى أن أشكركم لأنه لولا “تصرفاتكم السيئة معي” لما اضطررتُ إلى أن أطرح على نفسي هذا الحد من الأسئلة حول نفسي وحول الحياة، وعلى الأرجح كنتُ سأصبح اليوم أقل سعادةً مما أنا عليه الآن.
لا يُقصد بهذه الملاحظة تبرير الازدراء والسخرية من الغير، بل إظهار أنه من الممكن استخدام هذه الإساءات كي نكوّن منها أموراً بناءة. وينطبق هذا على جميع المواقف.

عندما انقلب كل شيء رأساً على عقب وتبّدلت الأمور… إلى الأفضل

مع الأسف، لا أملك قصة مشوقة كي أرويها لكم كقصة أنني تعاطيتُ المخدرات كي أتمكن من التعايش مع الواقع ونجوت من جرعة زائدة، أو كقصة أنني حاولتُ الانتحار عبر تعليق نفسي من اصبعي قدمي الكبيرين.
هذا ليس أسلوبي.
إلا أنني في بداية عام 2000 بدأتُ أسأم من كوني كئيباً إلى هذا الحد وبدأت أبحث عن حلول.
بدلاً من الوصول إلى مرحلة أصعب (لأنه قد يكون أمراً مطمئناً أن نقوم بالتقليل من شأننا، والتدقيق في جراحنا، والأنين، ولعب دور الضحية والتباكي بسبب تقلبات الحياة قائلين: أنا السبب).

قررتُ أن أجرب نهجاً جديداً، يقتضي مني الانفتاح والمواجهة.
وعلى أي حال، لم يكن هناك ما سأخسره…
Pixabay

تمكّنتُ في البداية من مواجهة أفكاري المسبقة والمتسرعة عبر قراءة كتب حول التطوير الذاتي في الفترة التي كنتُ أنهي فيها رسالة الماجستير (التي كنتُ أعدها دون أن أدرك الهدف منها تماماً)..
لم أكن أدرك فعلياً ما هو التطوير الذاتي، فقد كنتُ أعتبر أنه سخيف، سهل، مبالغ به، تافه، باختصار، لم أكن أدرك ما يستطيع التطوير الذاتي أن يوصلني إليه.

بالطبع، كان هناك الكثير من الإقتراحات حول التطوير الذاتي التي تتناسب تماماً مع الأفكار والأحكام التي تراودني، لا بل أنها أسوأ حين نضيف بعض الأوهام والخداع الفكري.
لكن كما في كل شيء هناك الجيد وهناك السيء.

والمصادر الجيدة كانت فعلاً مفيدة وإيجابية، من بينها مارتن سيليغمان، ودانييل غولمان وستيفن كوفي وحتى ذاك اللعين توني روبينز (يعتمد الكثير من الاختصار، وبعض المراجع ليست موثوقة، كما أنني لا أتفق مع كل ما يقوله، لكنه جيد جداً في تحفيزنا وإخراجنا من انحطاطنا!).
من ثم، بدلاً من قبول تولي أي وظيفة غير مرضية، قبلت عرض أحد الأصدقاء بالعمل معه.
ومرة أخرى، كنتُ بعيداً جداً عن مساري الحقيقي: فأنا لا أعلم شيئاً عن التجارة، كما أنني لا أملك ثقة كبيرة بنفسي…

هذا القرار البسيط بالانفتاح وتحرير نفسي من المستوى الرديء الذي حكمت على نفسي به كان بمثابة انقلاب حقيقي: توقفتُ عن لعب دور الضحية وقبلتُ الدور النشط الذي أستطيع أن أتولاه في حياتي كي أكون سعيداً.
واليوم، أستطيع أن أقول إنني أحقق نفسي بطريقة مرضية للغاية…
هل تذكركم قصتي قليلاً بقصتكم؟

إذاً ترقبوا الجزء الثاني من المقال بعنوان: هل أنت ضحية الظروف والآخرين ؟ إذن لا تقرأ مقالتنا !

لمتابعة المزيد من المقالات المشابهة يمكنكم زيارة موقع حياتنا
كما بإمكانكم متابعة صفحة الفيسبوك: أفكار تغير حياتك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.